بروباغاندا "حماس لاند"!
بقلم مراسل نيوز
قد يكون الإعلان، ثمّ المسارعة في النفي والتوضيح بعد تصاعد المواقف الرافضة والمستنكرة، حول الدعوة الى إطلاق "طلائع طوفان الأقصى" من قبل حركة المقاومة الإسلامية – حماس لبنان، أقرب الى "البروباغاندا السياسية والإعلامية" منها الى التنفيذ الفعلي، أي ما يكرّر تجربة "فتح لاند" على قسم من الجنوب اللبناني، لمواجهة العدو الإسرائيلي الذي يقوم، راهناً" حزب الله بمواجهته التكتيكية (ولو بكلفة عالية) تطبيقاً لشعار "وحدة الساحات" الذي دعت إليه أطراف الممانعة، واقتصر التطبيق على عمليات الحزب المدروسة، وعلى قرصنة حوثيّة وصواريخ طائشة صوب قواعد أميركية في سوريا والعراق!
ولكنّ هذه "البروباغاندا" ليست فارغة المحتوى، بل هي حصيلة تلاقي مصالح آنيّة لكلّ من الحزب والحركة:فما الذي يريده الحزب..وما الذي تريده الحركة؟
في زيارته الأخيرة الى لبنان، أبلغ المبعوث الفرنسي، باسم الدول الخمس، المعنيين في الدولة وفي الحزب أنّه لا بدّ من سريان مفعول القرار الأممي 1701 بما يجعل الجنوب في حالة هدنة حقيقية مع إسرائيل، وبما يضع حدّاً نهائيّاً للأحداث الأمنية بين لبنان وإسرائيل..وإلّا (وهنا جاء دور مدير الإستخبارات الفرنسية الذي زار بيروت والتقى المسؤولين فيها وسط تكتّم شديد أقرب الى السرّية) فإنّ الوضع في الجنوب قد يتطوّر الى ما يشبه غزّة، من خلال عملية عسكرية إسرائيلية برّية قد يصل مداها الى جنوب الليطاني، بحثاً عن منطقة آمنة تفصل ما بين مستوطني الجليل الأعلى وبين تهديدات حزب الله المتواصلة بشنّ الغارات حيناً، وتحرير القدس أحياناً!
أراد الحزب، من خلال السماح لحماس بالإعلان عن "طلائع طوفان الأقصى"، بالتزامن مع عودة "قوات الفجر" (الجناح العسكري المفترض للجماعة الإسلامية) الى إطلاق الصواريخ باتجاه المستوطنات، إضافة الى بيان للحزب القومي الإجتماعي عن الإستعداد لشنّ العمليات ضدّ العدو الصهيوني، أن يوجّه رسالة الى الدول الخمس، وبالأخصّ أميركا، أنّ الوضع قابل للفلتان الأمني غير المنضبط إذا ما جرت محاولات جدّية لتطبيق مفاعيل القرار الدولي، وأنّ الحزب الذي يمنع أيّ نشاط عسكري على الحدود منذ العام 2006 قد يتخلّى عن وظيفة "الشرطي" فيعود الجنوب أرضاً مفتوحة لكلّ التنظيمات الفلسطينية والإسلامية والوطنية، ما يحوّله الى أرض محروقة تحت مسمّى "حماس لاند". "طلائع حماس" هي مجرّد رسالة تهديد إيرانية ردّاً على التهديدات التي حملها لودريان ومدير المخابرات، وتردّدها قيادات الحكومة الإسرائيلية كلّ يوم!
أمّا عن مصلحة حماس في هذا الإعلان، فهي شأن آخر.تعرف حركة حماس في لبنان أنّ مستقبل قياداتها وكوادرها داخل غزّة بات "قيد الدرس"، كما هو حال "من يحكم القطاع؟" بعد انتهاء الحرب الدائرة في الجنوب، وقد بات شماله شبه ساقط في قبضة الجيش الصهيوني.في لبنان يستعدّ الحماسيّون لاستقبال "الرفاق المقاتلين" وهذا يتطلّب إمساكاً شديداً بأوضاع المخيمات الداخلية، وربّما كانت أحداث مخيّم عين الحلوة هي تمهيد لهذه اللحظة القادمة."حماس" حين توضّح أنّها لا تفتّش عن اقتطاع أرض في الجنوب اللبناني، إنّما هي صادقة في قولها:فلا الحزب بوارد السماح لأيّ كان بحرّية العمل العسكري في عقر داره..ولا هي تسعى الى ذلك.ما تريده من "طلائع طوفان الأقصى" هو القضاء على نفوذ فتح ومنظمة التحرير حيث تتحوّل المخيمات الى مكان آمن لقياداتها، ولحريّة الحركة فيها بشكل مستقلّ عمّن تعتبرهم "أعداء" أكانوا في السلطة الفلسطينية أو في السلطة اللبنانية!
بروباغاندا "طلائع طوفان الأقصى" أو "حماس لاند" هي تبادل خدمات بين الحزب والحركة، على حساب لبنان، وعلى حساب المخيّمات الفلسطينية في لبنان!