إسرائيل وإيران: صراع المصالح يشعل الشرق الأوسط... هل تُخرج المبادرة العربية المنطقة من نيران الحروب؟

بقلم الناشط و الباحث السياسي عبد الحميد عجم

إسرائيل وإيران: صراع المصالح يشعل الشرق الأوسط... هل تُخرج المبادرة العربية المنطقة من نيران الحروب؟

"إسرائيل توسّع جبهات النار: ضربة على إيران تصعّد الحرب في غزة ولبنان... هل تكون المبادرة العربية الحل الوحيد؟"

 

في خطوة خطيرة تزيد من اشتعال الأزمات في الشرق الأوسط، شنت إسرائيل غارات جوية على مواقع عسكرية في إيران، فيما يبدو محاولة لتوجيه رسالة سياسية وعسكرية قوية لطهران. إلا أن الواقع الأعمق يكشف عن تناقض مثير بين الطرفين؛ إذ رغم ما يظهر من عداء متبادل، تبقى إسرائيل وإيران وجهين لعملة واحدة، يتناوبان على إذكاء الصراعات وإشعال الفتن، لغايات تخدم أجندات ضيقة. فالضربة الإسرائيلية لم تقتصر آثارها على طهران وحدها، بل امتدت لتصعّد التوترات في غزة ولبنان، حيث دفع الشعبان ثمن هذا الصراع المتزايد، في صورة ضغوط اقتصادية وأمنية وإنسانية لا تتوقف.

 

في هذه اللعبة المعقدة، لا تبدو إسرائيل بريئة، بل تستخدم التهديدات الإيرانية كمبرر لمواصلة احتلالها للأراضي الفلسطينية والاعتداءات على المدنيين، ضاربة عرض الحائط بكل القرارات الدولية التي تفرض عليها الانسحاب وضمان حقوق الشعب الفلسطيني. ورغم أن قرارات أممية مثل 242 و338 الصادرة عن مجلس الأمن تنص بوضوح على وجوب انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، إلا أن تل أبيب تستغل المناخ الإقليمي المضطرب لتقوية قبضتها العسكرية والسياسية، بل وتسعى لتوسيع نطاق عملياتها في سوريا ولبنان تحت ستار "محاربة التهديد الإيراني".

 

من الجهة الأخرى، تظهر إيران، التي تدّعي وقوفها إلى جانب "المقاومة" الفلسطينية، وهي توظف هذا الشعار لتمرير سياساتها التوسعية في المنطقة، من خلال دعم ميليشيات طائفية تُفقد المنطقة أمنها واستقرارها. فبدلاً من أن تخفف من حدة التوتر، تساهم إيران عبر دعمها لحزب الله في لبنان وحماس في غزة في تعميق الأزمة، وتدفع بالشعوب نحو دائرة جديدة من الحروب، فيما يظل المواطن اللبناني والفلسطيني الضحية الأكبر لهذه التدخلات.

 

أمام هذا المشهد، تتصاعد الأصوات المطالبة بالعودة إلى مبادرة السلام العربية التي طُرحت في قمة بيروت عام 2002، حيث تقدم المبادرة حلاً شاملاً يقوم على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي مقابل تطبيع العلاقات العربية، وهو طوق نجاة للخروج من هذه الدائرة المفرغة من الصراع. ولعل العودة إلى تنفيذ القرارات الدولية، مثل قرار 1559 الذي يدعو إلى نزع سلاح الميليشيات اللبنانية، وقرار 1701 الخاص بوقف العمليات العسكرية في الجنوب اللبناني، يمكن أن يسهم في تخفيف حدة التصعيد وبناء استقرار حقيقي في المنطقة.

 

في ضوء هذه الحقائق، يتضح أن الحلول العسكرية والتدخلات الخارجية لم تعد مجدية في منطقة تعاني من نزاعات متشابكة. بل إن السبيل الوحيد للخروج من هذه الدوامة يكمن في تبني مقاربة دبلوماسية شاملة تستند إلى احترام سيادة الدول وحق الشعوب في العيش بسلام وأمان. فالحوار والتعاون الإقليمي، بعيداً عن مصالح القوى الكبرى، هما الخيار الوحيد القادر على إبعاد المنطقة عن شبح الحروب المتواصلة، وفتح آفاق أمل جديدة لشعوب الشرق الأوسط.