بالمرصاد لهم!

بقلم مراسل نيوز

بالمرصاد لهم!

"جميل" أن يخبرنا وزير الإقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، في تصريح له على منصّة "إكس"، أنّ تجّار المواد الغذائيّة جشعون، وأنّ ارتفاع الأسعار ليس إلّا مجرّد "تهويل على المواطنين، لأنّ نسبة ارتفاع الأسعار، جرّاء أحداث البحر الأحمر، ضئيلة لا تؤثّر بشكل كبير على المنتوجات"، وقد ربط الإرتفاع الحاصل في هذه الأسعار "باستغلال التجّار كلّ هذه الحجج وما يحصل ويرفعون الأسعار عشوائيّاً"..ولكن ما تنفعنا هذه الصراحة وكلّ هذا "الكلام الجميل" ما دام التجّار لا يأبهون له ويستمرّون في الرفع العشوائي للأسعار، حتى يكون أحياناً الفارق كبيراً بين محلّ وأخر بالنسبة للسلعة الواحدة:الوزير يتكلّم والتجّار يستغلّون والمواطن يدفع الثمن.كلام معاليه قد يفرح القلب، ولكنّه بالتأكيد لا يريح جيبة المستهلك!

"قويّ" الوزير أمين أمين سلام، حيث ترافقه في ترحاله وجولاته على الأسواق سريّة كاملة من عناصر المرافقة مدجّجين "بالأسلحة المناسبة" كما هي حال اللغة العسكرية المستعملة في حرب الجنوب.وتزداد هذه القوّة صلابة واطمئناناً عندما يقول في تصريحه "ولكن نحن لهم دائماً بالمرصاد..هناك مئات المحاضر تصدر عن الوزارة بحقّ هؤلاء أسبوعياً".وتعبير "بالمرصاد" يأتي أيضاً من وحي الأجواء العسكرية التي تحيط بلبنان والمنطقة والعالم:فالمقاومة بالمرصاد للعدوّ الإسرائيلي في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا، وقوّات القسّام بالمرصاد للجنود المتوغّلين في غزّة، والحوثيّون بالمرصاد للسفن المتّجهة الى الكيان الصهيوني، وميليشيات الحشد الشعبي بالمرصاد للقواعد الأميركية في العراق وسوريا، والفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد بالمرصاد للصواريخ اليومية التي تشلّ حركة مطاري دمشق وحلب، وطهران بالمرصاد للموساد في مطار أربيل وحدود الباكستان..ويكتمل العقد مع الوزير الشجاع الذي يتأهّب للمواجهة المفترضة مع جشع التجار دون أن يلمس المواطنون أيّ نتيجة تذكر، بمعنى آخر ثمّة إنتصارات كبيرة على منصّة "إكس" لا علاقة لها بواقع المستهلك المهزوم حتى آخر ليرة من مدخوله!

ليس جديداً على معاليه هذا النوع من الإنتصارات والإنجازات الوهميّة:ألم يفرض بالقوّة على "مافيا المولّدات" أن يركّبوا العدّادات لكلّ المشتركين في مدينة طرابلس، وفق القرار الصادر عن وزارة الإقتصاد؟ بلى، لقد فرض ذلك.وها هو كلّ مشترك في المدينة يدفع أعلى سعر في لبنان (150$ مقطوعة عن كلّ 5 أمبير) رغم أن كهرباء الدولة تغطّي أحياناً بين 6 و8 ساعات يومياً، بمعنى أنّ المواطن يدفع كلفة هذه الساعات (كالشاطر) مرّتين:مرّة لشركة قاديشا، ومرّة لأمراء المولّدات، بما يذكّر بمرحلة "أمراء التوحيد" الذين خطفوا المدينة في ساعة ضعف وانكفاء!

وأيضاً، كما هو معلوم، هناك تسعيرة شهريّة رسميّة تصدرها وزارة الإقتصاد العتيدة لكلّ كيلووات:فهل يعلم معاليه أنّ أصحاب المولّدات لا يعيرون تسعيرته أيّ اعتبار، وأنّهم لا يأبهون له أكان بالمرصاد أو لم يكن؟ فهم مستمرّون في غيّهم، كما هو مستمرّ في تجاهلهم، أمّاً خوفاً من سطوتهم، وأمّا شراكةً في أرباحهم الفائضة وغير المشروعة.وفي الحالتين، وا أسفاه على هكذا مسؤولين!

والأنكى من كلّ ذلك أنّ هذا الوزير "القويّ الجميل" يعدّ العدّة للدخول الى السراي الكبير، معتبراً – كما جاء في كلام سابق له – أنّه مؤهّل لهذا الموقع..وفي المناسبة، لا بدّ من التذكير:أنّ موقع رئاسة الحكومة يكون للأقوياء الشجعان أمثال الشهيد الراحل رفيق الحريري والرئيس فؤاد السنيورة..وليس لكلّ من حدّق في المرآة وتوهّم أنّه من فئة الكبار الكبار!