بين الدمار والردع: هل تعزز إسرائيل قوة إيران الإقليمية بضرباتها المحدودة؟

بقلم الناشط و الباحث السياسي عبد الحميد عجم

بين الدمار والردع: هل تعزز إسرائيل قوة إيران الإقليمية بضرباتها المحدودة؟

"ضربات إسرائيل المحدودة على إيران: هل تُشعل شرارة نفوذ أوسع لطهران في خضم حرب لبنان وغزة؟"

 

في وقتٍ تشتعل فيه جبهات القتال بلبنان وغزة تحت قصفٍ إسرائيلي مكثف، تبرز إيران كلاعبٍ إقليمي قد يجد في هذه اللحظة فرصة للتوسع لا للتراجع. في الضربات الإسرائيلية المحدودة ضد طهران لم تؤثر على بنيتها النووية أو العسكرية بالشكل الكافي، بل تركتها في موقف يتيح لها تصعيد تحركاتها عبر الشرق الأوسط. هنا يبرز السؤال: هل تعزز هذه الضربات نفوذ إيران وتجعل أذرعها أكثر جرأة وسط الدمار المتصاعد؟

 

 قوة الردع عبر الحروب متعددة الجبهات

في لبنان وغزة، نرى اليوم مشاهد صادمة من قصفٍ مكثف خلف مئات الضحايا وألحق دماراً واسعاً بالبنية التحتية. لكن بينما يشتعل الوضع على الأرض، تبدو طهران غير متأثرة بشكلٍ مباشر بالضربات الإسرائيلية عليها، بل تراها فرصة لتوجيه رسائل قوة عبر وكلائها الإقليميين. في خضم الحرب التي تديرها إسرائيل على جبهتين، تبرز إيران باعتبارها المستفيد الأبرز، حيث تعمل بهدوء على تقوية أدواتها الردعية تتحرك بإصرار أكبر.

 

 

تصعيد أذرع إيران: رسالة ما بين السطور

بينما تتوسع إسرائيل في قصف غزة ولبنان، تظهر أذرع إيران الإقليمية، وعلى رأسها حزب الله في لبنان، والفصائل المسلحة في غزة، كقوة تمثل نفوذ طهران الصاعد على الحدود. ومع كل ضربة غير حاسمة، تزداد هذه الأذرع صلابة، ترسل رسالة واضحة أن الصراع لن ينتهي بضربةٍ مباشرة على إيران، بل بتمدد قوتها الردعية في ساحات القتال الملتهبة.

 

 ردع من نوع جديد: الانتشار بدل المواجهة المباشرة

تخطت إيران الأسلوب التقليدي للرد، وتبنت تكتيكاً يعتمد على "الانتشار الاستراتيجي"، معتمدةً على حلفائها الإقليميين. في لبنان وغزة، تجد طهران أن هذه الحرب المدمرة فرصةً لإبراز نفوذها أمام خصومها، وتدعم أذرعها بالسلاح والخبرة، ما يجعل من نفوذها رقماً صعباً في الصراع. لقد أصبح "الردع عبر الانتشار" سياسة فعّالة لطهران، خاصةً مع ضعف الضربات الإسرائيلية التي تُعتبر في أعين الإيرانيين مجرد "ضجيج" غير مؤثر

 

مع كل مشهد دمار في لبنان وغزة، تواصل إيران فرض معادلة جديدة في الشرق الأوسط، حيث قد تؤدي الضربات غير الحاسمة لإسرائيل إلى منح طهران زخماً إقليمياً أكبر. يبقى السؤال عالقاً: هل ستدفع هذه الاستراتيجية المنطقة نحو تصعيد أوسع؟ وهل تتحول الضربات المحدودة إلى وقودٍ يعزز من حضور إيران بدلاً من تقييده؟