خان يونس وجنوب الليطاني!

بقلم مراسل نيوز

خان يونس وجنوب الليطاني!

في التعريف البدائي للنصر يعني أن تبادر إلى الهجوم لا أن تكتفي بالدفاع، ويعني أن تحقّق هدفك الكبير لا أن تكتفي بالحفاظ على "رأسك" فيما تكون قد خسرت أطرافك وأطراف أطرافك..فهل تنطبق هذه المعايير على أحوال كلّ من حركة حماس في غزّة، وعلى حزب الله في الجنوب اللبناني؟

لا تبدو الصورة ورديّة كما تحاول أن تروّجها بيانات الناطق الإعلامي أبو قتيبة في القطاع تحت هاشتاغ "حلّل يا دويري"، ولا البيانات العسكريّة للمقاومة الإسلامية في الجنوب التي "تستهدف وتصيب وتوقع الخسائر في الأرواح وفي عامود التكنولوجيا الشهير" وصولاً الى الصاروخ السحري غير المسبوق في تكنولوجيا صناعة الأسلحة في العالم، كما جاء في آخر ما وزّعه الحزب من معلومات عن "أسلحة مناسبة جديدة" في المعركة الدائرة!

بداية، لقد غاب "تحرير القدس والمسجد الأقصى" عن كلّ إعلام الممانعة في المنطقة.حتّى إيران (أمّ الصبي وأبوه) قد تراجعت مطاليبها أو أهدافها إلى ما يمكن اعتباره الحدّ الأدنى:وقف الحرب المدمّرة على غزّة وأهلها..وصدور قرار من محكمة العدل الدولية يقضي بإدانة إسرائيل بحرب الإبادة الجماعية.أمّا ما تبقّى من إدّعاءات كبيرة (إزالة الكيان الصهيوني، تدمير إسرائيل بسبعة دقائق ونصف، رمي اليهود في البحر) فقد غابت غياباً تامّاً عن الخطاب الرسمي وغير الرسمي لدى مكوّنات هذا المحور.

على الأرض، لا يختلف المشهد.صحيح أنّ جيش العدو قد تكبّد ويتكبّد خسائر كبيرة نسبيّاً في الرجال والعتاد والإقتصاد، إلّا أنّ كلّ ذلك لم يمنعه من وضع اليد (رغم بعض الخروقات البطولية) على شمال غزّة بالكامل، كما لم يمنعه من التوجّه جنوباً وهو قيد فرض الحصار الكامل على خان يونس، معقل حماس الأخير، وربّما مركز قيادتها المتواجدة في أنفاق معقّدة.وذلك قد يعيق تقدّم العدو، ولكنّ هذه المعوقات لا يمكن اعتبارها "نصراً"..وقد يجعل الجيش الذي لا يُهزم يخسر في الكثير من الهجمات التكتيكيّة، ولكنّه في الاستراتيجيا العامة يكاد يشدّ الخناق على حماس وقادتها، بعد أن دمّر مكوّنات العيش والحياة لأهالي غزّة الذين سيعودون الى مدن ومنازل مهدّمة وغير صالحة للسكن.الوقت لا يعمل لمصلحة غزّة وأهل غزّة، مهما تباهت حماس والجهاد بأنّ "قادتهم في خير"، لأنّ الفلسطينيين – وهم أصل الحكاية والقضية – ليسوا في خير، بل بالعكس هم في كابوس مطلق!

في الجنوب اللبناني، كان حزب الله يبشّرنا بالإختراق السريع لمستوطنات الجليل الأعلى، كما كانت تطنّ آذاننا من سماع خطابات الأمين العام حسن نصرالله بمئة ألف صاروخ يصل مداها الى ما بعد بعد حيفا، وبوعود تحرير قريب للمسجد الأقصى، داعياً المؤمنين الى المشاركة في هذه اللحظة التاريخية..فأين نحن من هذه الخطابات ومن هذه الوعود؟

عسكريَاً يعاني الحزب من إختراقات أمنيّة كبيرة جعلته مكشوفاً أمام المسيّرات الإسرائيلية، ما جعل عملياته اليومية تتراجع من حوالي عشرين إلى ثلاثين عمليّة إشغال، إلى عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وذلك للحدّ من خسائره البشرية التي باتت تؤثّر في بيئته الحاضنة وفي صورة قدرته العسكريّة المتفوّقة..وسياسيّاً بات الحديث يدور حول عدد الكيلومترات التي يمكن أن تتراجع إليها قوّات الرضوان التي كانت تستعدّ للطوفان في الجليل الأعلى.السيّد نصرالله لم يعد يرفع أصبعه بوجه إسرائيل، وإنّما بوجه الداخل، رابطاً حربه المحدودة بوقف الحرب على غزّة ليس إلّا، ومبشّراً اللبنانيين بأنّه لن يرضى عن "سليمان فرنجية" بديلاً؟

علامات النصر لا تلوح في الأفق، وإن كان السنوار سيرفع الشارة كيفما استقرّت أهوال الحرب، وكذلك سيفعل نصرالله، ويفعل محور الممانعة بأكمله.كلّ ما في العقل العربي أنّه لا يعترف بالخسائر، ولا يحاول أن يتعلّم دروساً:إنّها أزمة فكر..ويا لها من أزمة قاتلة تدفع بنا إلى تجرّع السمّ، كلّما سنحت الفرصة لذلك!