كتائب العزّة الإسلاميّة؟

بقلم مراسل نيوز

كتائب العزّة الإسلاميّة؟

‎كما يدّعون لله حزبه اللبناني (حزب الله)، و يدّعون للربّ جنوده (جنود الربّ) كذلك بات للعزّة الإسلاميّة كتائبها، وهذا ما جاء في بيان مقتضب (مجهول الهويّة حتّى الساعة) أعلن فيه عن تأسيس "كتائب العزّة الإسلاميّة" للعمل العسكري ضدّ العدوّ الإسرائيلي إنطلاقاً من جنوب لبنان:فكيف يمكن تفسير هذه الظاهرة الجديدة، وهل هي مؤقّتة أم حالة دائمة ربطاً بالتطوّرات السياسية التي يمكن أن تأتي بعد "اليوم التالي" في حرب غزّة، أو تلي اضطرار الحزب إلى نوع من التهدئة أو الإنكفاء إلى ما وراء جنوب الليطاني؟

‎إذا أردنا الإستدلال على هويّة التنظيم الجديد من خلال مفردات التسمية (كتائب وعزّة وإسلامية) فنحن نصل مباشرة الى "النسخة اللبنانية" عن كتائب القسّام (الجناح العسكري لحركة حماس)، تضاف إليها "قوّات الفجر" (الجناح العسكري للجماعة الإسلامية – جناح حزب الله)، ويمكن إضافة بعض التنظيمات السنّية كشاكر البرجاوي أو غيره من المنضوين على لائحة "القرض الحسن" من حيث التبعيّة والتمويل..فهل "حماس" بعد اغتيال الرجل الثاني عدنان العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية، وما أثير من لغط حول "حماس لاند"، باتت بحاجة الى غطاء عسكري محلي مطعّم فلسطيني – لبناني، تدير باسمه عملياتها من لبنان ما يجنبّها الإحراج السياسي، ويجنّبها رفع الصوت ضدّ "السلاح الفلسطيني المتفلّت" في استذكار للحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت بسبب هذا السلاح حين رفع شعار "طريق فلسطين تمرّ من جونيه"؟

‎الكلّ يعرف أنّ أرض الجنوب اللبناني هي شبه ملكيّة حصريّة للحزب، وقد خاض فيما مضى، حرب إلغاء بحقّ حليفه الحالي نبيه برّي، كما خاض حرب إلغاء ضدّ مكوّنات جبهة المقاومة اللبنانية (جمّول) تخلّلتها إغتيالات لكبار القادة المفكّرين في الحزب الشيوعي اللبناني أمثال مهدي عامل وخليل نعوس وحسين مروّة وسهيل طويلة، وصولاً إلى إلغاء أيّ دور مؤثّر حتى للدولة اللبنانية..فكيف يمكن لأيّ تنظيم أن يعمل من أرض الجنوب دون المرور بموافقة قيادة حزب الله؟

‎هنا يمكن الإنتقال إلى فرضيّة ثانية:هل يريد الحزب أن يشكّل "جبهة سنّية" تشاركه وزر خوض الحرب في لبنان، ما يعني ألّا تتحمّل الطائفة الشيعية وحدها فيزجّ بالطائفة السنيّة في تداعيات الحرب الكبيرة إذا ما حصلت؟

‎في كلّ الأحوال، لا بدّ من دور فعّال للطائفة السنية في لبنان (مراجع سياسية ودينية) بأن يكون لها موقف وصوت مميّزان، وخاصة بعد "سقطة" رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في إلغاء هامش الدولة لصالح التماهي مع سياسة الحزب الداعية الى ربط الوضع اللبناني برمّته بالوضع في غزّة، وهو أمر قد لا تستسيغه المملكة العربية السعودية التي تنظر الى قضيّة فلسطين من زاوية أخرى تختلف إختلافاً كلّياً عن المسار الإستغلالي لقضايا القدس والمسجد الأقصى الذي تقوده إيران في مفاوضاتها المعقّدة مع الولايات الأميركية المتحدة..

‎"كتائب العزّة الإسلامية" أيّاً كانت دوافعها، وأيّاً كان أصحابها، يجب أن تنأى عنها الطائفة السنيّة لأنّها في الأخير – أكانت تغطّي حركة حماس أو كانت تغطّي المقاومة الإسلامية – لا تعبّر عن مصالح الطائفة ولا مصالح لبنان، عدا عن أنّها لن تحظى بأي موافقة أو رعاية عربية مهما حمّلت نفسها من شعارات إسلاميّة وفلسطينية وجهاديّة!