في الحاجة الى استعادة التوازن.. إما بالسياسة أو في الشارع
بقلم الكاتب والباحث السياسي ربيع المصري
من الواضح أنه لا خطة لبنانية لليوم التالي للحرب في ضوء الإنقسام القائم والقابل للإستمرار، فمعارضو حزب الله يعتبرون أنه يحصر المفاوضات بنفسه ومصالحه، ويسعى الى استثمارها في السياسة الداخلية، الأمر الذي ينفيه الحزب كلياً، لكنه يتمسك بشروط من قبيل انتخاب رئيس "لا يطعن في الظهر". في المقابل، فإن المعارضين سيتمسكون بمواقفهم الرافضة والتي عبّر عنها سمير جعجع مثلاً بالقول:" اذا أراد المجتمع الدولي أن يمنح حزب الله مكاسب فليمنحه من حسابه وليس على حساب اللبنانيين". أما رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل فقد كان واضحاً عندما قال:" لا يظن أحد أن تطورات الوضع في المنطقة أو الحرب في الجنوب يمكنها أن تفرض على اللبنانيين والمسيحيين خيارات لا يريدونها".
مواقف كثيرة مشابهة تتكرر، وهي يمكن أن تؤسس الى المزيد من الإنقسام في المرحلة اللاحقة. خصوصاً في ظل أجواء تضج بها الكواليس السياسية لدى جهات معارضة بأنه لا يمكن القبول أو التسليم بأي انتصار سياسي يمكن أن يحققه حزب الله ويترجمه في رئاسة الجمهورية، وهناك من يذهب أبعد من ذلك بالقول إنه في حال نجح الحزب بتحقيق ما يريد فلن يكون لديهم خيار سوى الإنفصال عن الدولة المركزية. وهنا تكمن المسؤولية المسيحية الإسلامية في إعادة انتاج خطاب وطني في سبيل استعادة التوازن السياسي قائم على الطائف والدستور والقرارات الدولية.
بلا شك أن الإعتراض على تغييب حزب الله للدولة ولمكونات مختلفة عن المشاركة في المفاوضات مع الجهات الخارجية يستمر، هنا يعتبر بعض معارضي أنه لا يمكن انتاج تسوية سياسية جدية وطنية متوازنة في لبنان إلا إذا تساوى اللبنانيون في المصيبة والهزيمة، حينها يمكن للحوار أن يحصل على أساس أنه ليس للجماعات اللبنانية سوى هذا البلد الصغير، ومبدأ العيش معاً، من دون لا غلبة ولا غبن. لا بد من تجاوز الإنقسام القائم على الحسابات الضيقة أو الضغائن والأحقاد، والإتجاه نحو رؤية موحدة للبلد، بعد تجارب كثيرة كانت قد بادرت اليها جهات عديدة، بما فيها، تيار المستقبل، أو الحزب التقدمي الإشتراكي، أو التيار الوطني الحرّ أو حتى القوات اللبنانية لكنها لم تنجح بسبب الإنضواء تحت حساب المصالح السياسية الضيقة التي قضت على 14 آذار. فيما لا يبدو من الممكن تطبيق الطائف، أو تعديله، أو تجاوزه الى اتفاق جديد بغياب التساوي والتعادل بين المكونات.
أمام هذا الواقع، يفترض الإنطلاق وفق مسارين، الاول اعادة تأطير المجموعات السياسية والسيادية الرافضة لاختطاف قرار الدولة، وذلك لا بد أن يحصل من خلال تكثيف اللقاءات وتقديم الإقتراحات السياسية لتشكيل رؤية جديدة غايتها استعادة الدولة، والمسار الثاني هو حصول تحركات شعبية تطالب بمثل هذه العناوين، في إطار ممارسة المزيد من الضغط على حزب الله، رفضاً لما يسمونه سيطرته على البلد، وإمساكه بكل تلابيب المفاوضات السياسية والإقليمية، وسعياً لاستعادة التوازن بالفرض لا بالإستجداء.