"توك توك" البعريني..وأشباهه!
بقلم مراسل نيوز
لم يتأخّر الرئيس نجيب ميقاتي في تقديم "فروض الطاعة" للرئيس السابق سعد الحريري، فما أن وطأت قدماه السجّادة الحمراء عند بوّابة السراي الكبير حتّى بادر الى الإعلان بأعلى صوته:"الحريري يعود إلى بيتو، ما نحنا منستقبلو هون، هو بيستقبلنا"، بمعنى أنّ سيّد بيت الوسط هو "الأصيل" فيما الباقون من رؤساء الحكومات أو من المتنطّحين الى هذا المركز إنّما هم مجرّد "وكلاء" تغيب كواكبهم حين تطلّ شمسه، في صورة بلاغيّة مشابهة لما قاله ذات مرّة الشاعر المتنبي في مديح سيف الدولة "فإنّك شمس والملوك كواكب..إذا طلعت لم يبدُ منهنّ كوكبُ"!
هذا المسار السياسي للرئيس ميقاتي ليس بالجديد، فهو طالما حلّ في السراي الكبير "بدل عن ضائع" منذ الإنقلاب الشهير الذي نفّذه طرفا إتّفاق مار مخايل (حزب الله والتيّار الوطني الحر) بحقّ الرئيس الحريري وهو على درج البيت الأبيض للقاء الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما عام 2011، وكان أن جرى تكليف ميقاتي برئاسة أوّل حكومة له، وقد تكرّرت المعادلة (خروج الحريري فدخول ميقاتي) مرّات عديدة، ما جعل ويجعل رئيس حكومة تصريف الأعمال يتصرّف وكأنّه في وضع "مؤقّت" على الدوام!
ولا يقتصر المشهد الكاريكاتيري – الميلودرامي على أداء ميقاتي، بل يتخطّاه الى النواب والمهلّلين (عن صدق أو عن إنتهازيّة) لعودة الحريري بمناسبة الذكرى 19 لاستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، مطالبين بعودته النهائية إلى لبنان، خاصة وأنّ الطائفة السنيّة لم تتمكّن، طوال غيابه عن الساحة السياسية الداخليّة، من فرز زعامة جديدة تملأ الفراغ الحاصل، مكتفية بلقاءات مبعثرة للنواب السنّة ما بين دار الإفتاء في بيروت برعاية مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وبين دارة السفير السعودي وليد البخاري، دون أن يؤدّي ذلك الى زعامة سنيّة وازنة تتمكّن من إحتضان الإنتشار السنّي من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب!
ولعلّ التسابق الى رفع صور الحريري (الأب والإبن) في الشوارع وفوق المنازل، والمسارعة الى "عرض العضلات" في الإستعداد للحشد يوم 14 شباط، إنّما تشير الى هشاشة الكثيرين من نوّاب السنّة الذين سبق لهم أن ركبوا الموجة الحريرية للوصول الى البرلمان، دون أن يحملوا شيئاً ولو يسيراً من معايير السياسة الخلّاقة التي تمثّلها "المدرسة الحريرية" إذا صحّ النعبير..والأمثلة على ذلك عديدة، لعلّ أشدّها فقاعةً ما يلي:
نواب "تكتّل الإعتدال الوطني" مثلاً لا يعرفون ماذا يريدون.فهم، منذ انتخابهم، لم يجرأوا على موقف سياسي واضح، أكان في الإستحقاق الرئاسي الداهم، أو في الإشارة الى المعرقل الحقيقي لقيام مطار ثانٍ في منطقة القليعات – عكار، والمقصود هو حزب الله الذي أبلغهم عبر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد بأن "يضبّوا" هذا المطلب الإنمائي الكبير..وقد "ضبّوه" مكتفين بالثرثرة التنموية فوق الحرمان العكاري!
وما يعبّر بدقّة عن "ركاكة" الوجود النيابي في عكار خصوصاً، وباقي المناطق السنّية عموماً، إنّما هو الدعوة التي وجّهها النائب وليد البعريني لمسيرة دعم للحريري، مستعملاً عشرات العربات من "التوك توك"..فهكذا نوّاب أو أشباه زعماء هم فعلاً لا قولاً "توك توك" الطائفة السنية، و"توك توك" المجلس النيابي..وللأسف "توك توك" مستقبل هذا البلد!