الطريفان!
بقلم مراسل نيوز
قد يمكن وصف حكومة تصريف الأعمال ككلّ ب "الحكومة الطريفة" لما يبتدعه كلّ وزير على حدة في وزارته من فرمانات وتعابير تصلح للفكاهة والتندّر والسهر في الليالي الملاح، رغم السوداويّة التي تضغط على الوطن والمواطنين:
وزير الدفاع موريس سليم يعلن ما يشبه "الإنفصال" عن الجيش وقيادة الجيش:هو مقاطع لكلّ قرارات القائد جوزيف عون (حتّى في التعزية بوفاة والدته)، وشبه مقاطع لمؤسّسة الجيش حيث اعتبرها، في تصريح له، غير مؤهّلة للدفاع عن البلد..ومن آخر تجلّياته أنّه وزّع أمراً على دوائر الوزارة بعدم التعاطي مع رئيس الأركان الجديد اللواء حسّان عودة الذي عيّنته حكومته مؤخّراً!
وزير الإقتصاد أمين سلام، الذي أعلن تأهّله لنصف نهائي رئاسة الحكومة في نرجسيّة فاقعة، يسعى جاهداً لإخراج مستشاره وشقيق المستشار من تهمة فساد أودت بهما إلى السجن، بعد أن نجح في إخراج شقيقه (مدير أعماله) من هذه الورطة الموصوفة، والتي تتعلّق بعمولات تمّ قبضها من بعض شركات التأمين!
وزير المال يوسف خليل يوزّع أموال قرض من البنك الدولي على 500 من موظّفي وزارته المحظيّين وهيئات رقابيّة يفترض بها أن تحاسبه على ما يقترفه، إضافة إلى إرضاء القائمين في كلّ من السراي الحكومي (المحسوبين على الطائفة السنيّة) والقصر الجمهوري (المحسوبين على الطائفة المسيحية)، بمعنى تعميم الفساد والرشوة على قاعدة "6 و 6 مكرّر"!
نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، والذي يفترض أنّ أتى به الى هذا المركز يعتبره قدوة في التعامل مع الصندوق الدولي ومع الأرقام والحسابات وخشبة خلاص العلاقة المعقّدة ما بين المصارف المودعين، يتحوّل، بين ليلة وضحاها، إلى مبارز قوي "لا أحد يقدر على لوي ساعده" كما جاء في مقابلة سياسيّة – ماليّة معه، وذلك ردّاً على الرفض الجماعي للخطّة الأخيرة التي يفترض أنّه وضعها لما يسمّى "تصفية المصارف اللبنانية" تمهيداً لمرحلة جديدة من العلاقات النقديّة في البلد..وقد تنكّر في المقابلة لما قيل عن أنّه "الصاحب الشرعي" لهذه الخطّة التي اعتبر الجميع بأنّها مجزرة بحقّ الودائع والمودعين!
السبّحة الوزاريّة تكرّ وصولاً إلى "الطريفين" الأكثر ظرافة في هذه التشكيلة الهجينة غير المتجانسة:
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يبشّر، بين الوقت والآخر، بعودة المبعوث الأميركي هوكشتين إلى لبنان، دون أن يفسّر لنا ما يلي:ماذا يمتلك رئيس الحكومة من أوراق تفاوضيّة يضعها على طاولة المفاوضات (كما يفترض) بعد أن أقرّ علناً بإمساك حزب الله بقرار السلم والحرب في البلد، وبعد أن تبنّى بالكامل مقولة الحزب حول الحرب الدائرة في الجنوب بأنّها مرتبطة إرتباطاً كاملاً بالحرب في غزّة، أي تبنّى شعار الممانعين الداعي إلى "وحدة الساحات".قد يزور هوكشتين السراي الحكومي في نوع من البروتوكول والدبلوماسية الناعمة، مع معرفة المبعوث الأميركي سلفاً أنّ مضيفه "خالي اليدين"، كما يدرك ميقاتي أنّ الزيارة هي لزوم ما لا يلزم في وقت مقتطع!
أمّا الأبرع في الطرافة فيبقى وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الذي هدّد العدوّ الإسرائيلي بأنّ "لبنان في جهوزيّة تامّة للحرب"، دون أن يشرح لنا أين تكمن هذه الجهوزيّة:في الملاجئ التي بنتها الدولة (أو الدويلة) للمواطنين درءً للصواريخ والقنابل، في الإقتصاد الذي يستطيع تحمّل تبعات وكلفة الحرب ولو طالت، في المخزون الإستراتيجي من الدواء والغذاء ما يُبعد عنّا شبح الجوع الذي بات يفترس أطفال غزّة، في الإمكانيات الماريشاليّة التي تتحمّل هجرة مئات الآلاف من منازلهم في الجنوب وغير الجنوب..أو في أشياء أخرى "شديدة السريّة" لا يعرفها المواطنون العاديون، بل فقط أمثال وزير الخارجية الميمون، والذي يكاد يمون على موظّفي وزارته، ليس إلّا!
إنّها حفلة جنون.حتّى حزب الله الذي أذهلنا ذات مرّة، إن في السابع من أيّار، وإن في واقعة القمصان السود، بات شريكاً في هذه الحفلة، حيث لم يجد أمينه العام حسن نصرالله خطّة لحماية مقاتليه من القنص الإسرائيلي اليومي (8 مقاتلين في ال 24 ساعة الأخيرة) سوى دعوة المواطنين الى التخلّي عن هواتفهم، معتبراً أنّ كلّ هاتف بات عميلاً يستحقّ الكسر والإعدام!