نصف غزّة؟

خاص مراسل نيوز

نصف غزّة؟

 

لقد تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين المدنيين العشرة آلاف شهيد، عدا المفقودين تحت ركام أكبر عملية تهديم وتدمير في العصر الحديث، إضافة الى آلاف الجرحى وملايين النازحين في الشهر الأوّل من الحرب التي يشنّها العدو الإسرائيلي على غزّة وأهلها، دون توقّف أو هدنة إنسانية، ولو لساعات معدودات، وذلك منذ عملية "طوفان الأقصى" التي قضت على أسطورة "الجيش الذي لا يقهر"!

الكلفة باتت باهظة، وباهظة جدّاً، بالرغم من الصمود الكبير لمقاتلي حركتي حماس والجهاد الإسلامي في أنفاقهم التي قد تقيهم شرّ قنابل وصواريخ العدو، ولكنّها بالتأكيد لا تحمي رؤوس الأطفال والنساء والمسنّين، كما ما عادت تقي حتّى المستشفيات ومراكز الأونروا والجوامع والكنائس.كلّ ما يدبّ فوق أرض غزّة بات مستباحاً أمام الطائرات والدبابات التي لا تكفّ عن القصف على مدى 24 ساعة متواصلة..

رغم حرصنا الأكيد على عدم إنزلاق لبنان الى مصير يشبه مصير غزّة، وربّما أكثر.ورغم تقديرنا لتعقّل قيادة حزب الله في ضبط حدود المعركة على الجبهة الشمالية، على توقيت إشغال عدّة فرق من الجيش العدو، وضمن أطر ما يسمّى ب "قواعد الإشتباك" كما جرى بالأمس بعد مجزرة "عائلة أيّوب" (إستشهاد الجدّة والأخوات الثلاثة وإصابة الأم) حيث أطلقت المقاومة الإسلامية رشقات من صواريخ بعيدة المدى الى كريات شمونة حيث قتل مستوطن مدني واحد، حسب إدّعاءات إسرائيل:المعارك في الجنوب لا تزال تدور في حدود ضيّقة لا تريح العدو، ولا تفتح نار الجحيم على البلد الذي لا يحتمل إقتصاده أيّ هزّة أمنيّة بحجم الحرب المفتوحة على قطاع غزّة!

رغم ذلك لا بدّ من بعض التساؤلات حول شعار طهران الكبير "وحدة الساحات" والذي قيل أنّ معارك مخيّم عين الحلوة الأخيرة ما بين حركة فتح والشباب المسلم إنّما تندرج ضمن تهيئة الأرض اللبنانية، بما فيها المخيّمات الفلسطينية، لهذا الشعار الكبير الذي يمتدّ من العاصمة الفارسية طهران، إلى حوثيي اليمن، الى الحشد الشعبي في العراق، الى نظام بشار الأسد بما فيه من فاطميين وزينبيين، الى الساحة اللبنانية حيث تسرح وتمرح الذراع العسكرية الأقوى الموالية لإيران:

ماذا فعلت طهران لحماية غزّة من الدمار المحتوم، وماذا قدّم الحرس الثوري من دعم بشري ولوجيستي للمقاتلين الذين يصنعون البطولات الفردية دون أن يعدّل ذلك من ميزان القوى المختلّ لصالح الجيش الإسرائيلي، مدعوماً بجسر جوّي متواصل مع الولايات الأميركية المتحدة، ومدعوماً بأكبر وأعظم الأساطيل البحرية وحاملات الطائرات والغوّاصات التي لا تستطيع ردعها حتى الدولتان الكبيرتان المسميتان روسيا والصين؟

ماذا فعل حزب الله صاحب أكبر ترسانة صاروخية في المنطقة مثل أكبر الجيوش المقاتلة؟ هل منع إشغاله للجبهة الشمالية (على أهميّة هذا العمل العسكري) دبّابات إسرائيل من أن تشقّ طريقها في نصف غزّة قاطعة التواصل ما بين شمالها حيث تقبع حماس وجنوبها حيث لجأ أكثر من مليون غزّاوي وغزّاوية؟

ماذا فعل الممانع الأول بشار الأسد الذي تُضرب مطاراته صباح كلّ يوم؟حتى رصاصة واحدة لم تُطلق من الجولان المحتل بانتظار "الزمان والمكان المناسبين":فهل هنا زمان مناسب أكثر من هذه اللحظة التاريخية، وهل هناك مكان مناسب أكثر من توغّل الجيش المعادي في عمق غزّة؟

تهديدات الحشد الشعبي والحوثيين ضدّ القواعد الأميركية في المنطقة لا تتعدّى "فقاقيع الصابون" حيث تعترضها القبّة الحديدية بسهولة، ما يحوّلها الى لعبة كرتونية، لا تقدّم ولا تؤخّر شيئاً في شلّال الدم الغزّاوي الهادر!

باختصار، وحتى الساعة، يمكن القول أنّ غزّة وحيدة.تقاتل باللحم الحي.تدفع الثمن الغالي في البشر والحجر.تتّجه بخطى وطيدة الى مصيرها الأسود..ودول الممانعة لا تبالي:هل يعني ذلك أنّ شعار "وحدة الساحات" يخصّ ساحة طهران وحدها، أي أنّ كلّ السلاح الممانع قد وُجد للدفاع عن نظام الخامنئي فقط، ليس إلّا؟