وفيق صفا في الإمارات؟
بقلم مراسل نيوز
ليس حدثاً عاديّاً على أكثر من صعيد، وعلى أكثر من مستوى، أن يزور الحاج وفيق صفا الإمارات العربية على متن طائرة خاصّة.هل الخبر يحمل دلالات كثيرة؟ بالتأكيد.ويحمل أيضاً الكثير من التساؤلات والإستنتاجات:
أوّلاً، إذا كان مسؤول الإرتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا قد توجّه إلى الإمارات العربية للبحث في موضوع عدد من اللبنانيين الموقوفين والمحكومين بتهمة الإرهاب، فأولى الأسئلة البديهيّة:لماذا تجاهلت دولة الإمارات مسؤولي الدولة اللبنانية للبحث في موضوع إطلاق سراح هؤلاء، واختارت حزب الله بديلاً شرعيّاً عن الحكومة..فهل يدرك الرئيس نجيب ميقاتي معاني وخطورة هذا التخطّي والتجاهل؟ وهل يدرك الوزراء وفي طليعتهم وزير الخارجيّة عبدالله بو حبيب أنّ مسارهم السياسي القائم على دفن الرؤوس في الرمال، هرباً من مواجهة تعدّيات الدويلة على قرارات الدولة، إنّما يجعل لبنان، في نظر العالم، ساقطاً سياسيّاً وعسكريّاً في قبضة حزب الله، وفي قبضة جمهورية إيران الإسلاميّة؟ هل يعي ميقاتي، ولو متأخّراً، منزلقات ما نطق به حين أعلن استسلامه بالكامل لسيطرة سلاح الدويلة على القرار الرسمي بالحرب والسلام، وعلى قبوله دون شروط أو حتّى اعتراض لفظي بربط الساحات بما يخصّ الحرب في غزّة والحرب في جنوب لبنان؟ ميقاتي وباقي المسؤولين تخلّوا عن مسؤولياتهم تجاه الوطن والشعب، ما سمح ويسمح للإمارات وغيرها من الدول بالتعامل مباشرة مع "الأصيل" (أي الحزب في الأمور الصغيرة وطهران في الأمور المصيريّة الكبرى) طالما أنّ القيّمين على الدولة قبلوا بأن يلعبوا دور "الوكيل"، ليس إلّا!
ثانيا"، ماذا ذهب يفعل "الحاج وفيق" في الدولة العربيّة الأكثر تطبيعاً مع العدوّ الصهيوني إسرائيل، وقد ذهب وعاد بحمايتها (رافقه على متن الرحلة مسؤول أمني إماراتي رفيع المستوى)؟ وكيف يمكن للحزب أن يبرّر كلّ هذه الشطحات السياسية، بمعنى كيف يحقّ له أن يجمع بين حربه المعلنة لإزالة الكيان الصهيوني من الوجود، والتعامل العلني الصريح مع الحليف الأوّل لهذا الكيان:ألا يدرك الحزب أن حجم التبادل التجاري بين "العدو والصديق المستجدّ" هو الأكبر في العالم العربي، وأنّ حركة السياحة بين البلدين تكاد تتجاوز العشرة رحلات جويّة يوميّاً، وأنّ السفارتين المتبادلتين في أفضل حال وأعلى درجات التنسيق والإطمئنان؟ كيف يبيح الحزب لنفسه، مثلاً، إدانة صحافيّ أو صحافيّة بتهمة العمالة لمجرّد إجراء حديث إعلامي (وهو جزء من عمله أو عملها في محطّة عربيّة أو أجنبيّة)، فيما يحطّ أعلى رجل أمنيّ لديه في مطار الدولة التي تستقبل مئات الإسرائيليين، على مدار الليل والنهار؟ربّما يكمن الجواب في القول:يحقّ للقويّ ما لا يحقّ لغيره!
ثالثاً، هل تقتصر الزيارة، كما قيل، على إطلاق سراح اللبنانيين المحتجزين، أم هناك المزيد كالبحث في الإستحقاق الرئاسي، والبحث في موضوع ترتيبات القرار 1701، والإمارات مؤهّلة للعب دور الوسيط في أكثر من إتّجاه، وفي مختلف المواضيع المطروحة على الساحة اللبنانية، والساحة الفلسطينية، دون أن نهمل الساحة السورية، حيث إنها "الراعي الرسمي" لعودة العلاقات بين العاصمة دمشق وعواصم الخليج، تحت عنوان "عودة الرئيس بشّار الأسد إلى الحضن العربي"؟
زيارة صفا إلى الإمارات حدث غير عادي، يفتح على براغماتيّة طهران (وأذرعها في المنطقة، بدءً من حزب الله)، وعلى مدى السقوط المدوي في أداء المسؤولين اللبنانيين، وفي طليعتهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذين سارعوا إلى تسليم جميع "الأوراق الرسميّة" إلى الأمين العام حسن نصرالله، أمّا خوفاً من رصاصات قاتلة، وأمّا طمعاً بمركز في السلطة الجديدة، ما بعد ميشال عون، وما بعد "حرب الإسناد والمشاغلة"!