فاشينيستا!

بقلم مراسل نيوز

فاشينيستا!

يحاول حزب الله أن يكون مجدّداً في الميديا والإطلالات الإعلاميّة، مواكباً العصر والجمهور، أكان في استعمال اللغة والمصطلحات في بياناته العسكرية، أو كان في "هالة" أمينه العام حسن نصرالله حيث يدرك بالتأكيد أنّ "مقاماته الخطابيّة التلفزيونيّة المطوّلة" باتت تصيب بالملل، ليس فقط المستمعين والمتفرّجين قبالة الشاشة الصغيرة، بل حتى الذين يضطرّون للجلوس ساعات في الصفوف الأولى، منصتين الى كلام ومواقف لم تعد تلامس الواقع ولا الوعود ولا حتّى العواطف!

في اللغة البيانيّة ظهرت كلمات جديدة تتكرّر، وللتكرار تأثير كبير في عملية الإقناع والتصويب على الهدف، مثل تعابير "تزفّ المقاومة الإسلامية"، وفي ذلك إصرار على أنّ الشهادة تتضمّن الفرح بالصعود الى الجنّة، بمعنى الإبتعاد عن الحزن أو التحسّر:يريدون من الجمهور أن يصدّق أنّ الأمّ والأب يسعدان باستشهاد إبنهما في أرض المعركة، كما تسعد الزوجة بموت زوجها في "الطريق الى القدس"..وكذلك الأبناء والأقارب والجيران وأهل القرية والبلدة وجميع مكوّنات "الحاضنة الشعبيّة".فمن خلال مصطلح "تزفّ" لا مجال للحزن أو اليأس أن يتسلّل الى النفوس القويّة!

وأيضاً، فالشهيد "يرتقي" أي أنّ مرتبته تعلو مراتب الناس العاديين. هو يُسرع الخطى إلى جنان الخلد، ما يجعله مميّزاً عن الذين يموتون على فراشهم، تماماً كما قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في عزاء إحدى الأمّهات الثكالى:"إفرحي وهلّلي فإبنك الآن الآن في أحضان الحسين"، بمعنى أنّ الحزن نوع من أنواع الكفر، وأنّ الشهادة فعل إيمان وخلاص من صغائر الحياة!

وكما التجديد في لغة الرثاء بما يبرّر ويحرّض على الشهادة، وقد بلغ اليوم العدد (200 مقاتل وقائد) مع إرتقاء الشاب محمد حسن طرّاف (أحمد) في قصف بلدة بليدا، حاول ويحاول فريق "البروباغندا الإعلامية" في الحزب أن يحدّث في صورة الأمين العام بما يجعله أقرب إلى عقل الشباب، وهم الفئة الأكثر إستعداداً للقتال والإستشهاد، والأكثر إستعداداً للتشكيك بجدوى القتال حتى الموت، وهو ما بدأه مع سلسلة الأفلام القصيرة ذات الطابع الهوليودي التشويقي، على طريقة المخرج السينمائي الشهير ألفرد هيتشكوك، حيث بدا السيّد نصرالله في "لوك" جديد:تارة صورة نصفيّة لوجهه بالأبيض والأسود، وتارة في حركة خاصّة بيديه، وأحياناً في عبور سريع كالخيال، ما جعل الجميع يتساءلون:أيّ سرّ تحمله هذه الإطلالات غير المسبوقة وغير المعهودة في سيرة الأمين العام، وفي إعلام الحزب الجهادي؟

ومع إستشهاد الطفلة الجميلة أمل حسين الدر في القصف الإسرائيلي على بلدة مجدل زون، أطلّ نصرالله أيضاً في "لوك" إعلامي جديد، من خلال ملصق بالألوان (وفي داخله صورة الطفلة الشهيدة) يتعهّد فيه بالثأر لدماء "أمل"، وقد جرى توقيعه بخطّ يده لعبارة "الثأر قادم"، تدليلاً على مصداقية العبارة والتنفيذ، وذلك باللغات الثلاث، العربيّة والإنكليزية والعبريّة.وهو في تعدّد اللغات إنّما يوسّع دائرة توجّهه الإعلامي الى الرأي العام الإسرائيلي وإلى الرأي العام العالمي..

في الخلاصة، أنّ الحزب لم يعد أسير أشكاله الإعلامية التقليدية (محطّة المنار مثلاً)، ولم يعد يكتفي بمصداقيّة ما يقوله السيّد، مدركاً أنّ لكلّ شيء نهاية بما فيها وقع كلام السيّد نفسه، لذا بات يبحث عن قوالب جديدة تتناسب مع حاجاته المتزايدة إلى الإقناع بالصورة والمشهديّة "المودرن"، ولو وصل به الأمر الى طرق أبواب التيك توك والإنستاغرام والتويتر..وحتى ما يسمّى "فاشينيستا"!