الكلّ يدّعي التسهيل!

بقلم مراسل نيوز

الكلّ يدّعي التسهيل!

السؤال الذي جعله المطران الياس عودة عنواناً لعظة يوم الأحد ليس بالجديد، فهو السؤال (كالكلام، في المصطلح المسيحي) الجوهري الذي لا بدّ منه في أيّ مقاربة جادّة وموضوعيّة للإستحقاق الرئاسي كونه يلامس "أصل المشكلة" التي تحيط بالفراغ في المركز الأعلى في الدولة اللبنانيّة المفكّكة..وسؤال عودة جاء كالتالي:الكلّ يدّعي التسهيل..من يعرقل؟

نوّاب "تكتّل الإعتدال الوطني" الذين جالوا وصالوا على الكتل السياسيّة بمبادرة رماديّة تشبههم، حيث لم يستطع أيّ طرف من الأطراف فكّ رموزها، قد خرجوا على اللبنانيين بالنصف الأول من عظة عودة:"الكلّ يدّعي التسهيل.." دون أن يتطرّق أيّ من أعضاء التكتّل (بعضهم بدأ يستقبل المواطنين كأحد صنّاع الرؤساء في لبنان) إلى القسم الثاني، وهو جوهر العظة:"من يُعرقل"؟

من السهل الكلام عن نجاح المبادرة، وعن تجاوب الجميع مع بنودها، وعن تفاؤل غير مسبوق في عين التينة، وعن جواب معلّق ولكنّه إيجابي في حارة حريك، وعن دخان أبيض قد يتصاعد قبل العيد أو بعد العيد، أو ما بين العيدين (الفصح المجيد والفطر السعيد).وقد تحوّل نوّاب التكتّل، بين ليلة وضحاها، إلى "نجوم الشاشة الصغيرة" يشرحون المبادرة كما يشتهي كلّ طرف حتّى ضاعت معالمها الأساسية، ومحدّدين مواعيد ظهور الرئيس الموعود..إلى أن "راحت السكرة وجاءت الفكرة" بلا رئيس ولا حوار ولا مبادرة، وسط السؤال الأساس:إذا كان جميع الذين اطّلعوا على المبادرة الكريمة قد وافقوا عليها..فمَن يعرقل؟ هنا صمت الجميع، بمَن فيهم أهل المبادرة، ولم نعد نعرف إذا كان هناك من تتمّة لها، أو أنّها قد وُئدت في "صالة انتظار" جواب كتلة الوفاء للمقاومة، والذي جاء على لسان الرئيس نبيه برّي الذي قال بصوت جهوري "أنا الرئيس"، خاصة بعد أن تلقّى الدعم المعنوي من المبعوث الأميركي هوكشتين الذي وصفه تحبّباً بأنّه "المعلّم"!

سكت نوّاب المنية والضنّية وعكار الستّة عن الكلام المباح (كما في حكايات شهرزاد)، وآخر ما نطق به أحدهم (النائب وليد البعريني) هو أنّهم سيستكملون الجولات ما بعد الأعياد، فكأنّه لا شيء داهم، وكأنّ خلوّ المركز الأعلى في السلطة ينتظر فرحة الأعياد، كما ينتظر الجنوبيّون وكلّ لبنان "قرار السلم والحرب" من فم الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.

وكذلك فعل ويفعل سفراء مجموعة الدول الخمس التي تتابع الشأن الرئاسي في لبنان.فقد قاموا ببعض الزيارات إلى المسؤولين وبعض القوى السياسية يستطلعون خلالها الآراء والمواقف (ربّما للمرّة الألف..)، على أن يعاودوا لقاءاتهم مع باقي الكتل النيابيّة في مرحلة ما بعد الأعياد، دون أن يخرجوا بما يشير إلى إحتمالية التوافق الرئاسي، ودون أن يجيبوا على السؤال الكبير/الصغير:مَن يعرقل؟

في لبنان، لقد باتت اللعبة مكشوفة.ولا تحتاج إلى مبادرات ولقاءات وجولات، بل تحتاج إلى الجواب على سؤال عظة المطران عودة، ربّما بسؤال آخر:هل من مصلحة حزب الله، في هذه المرحلة من الصراع الإقليمي – الدولي المحتدم، ملء الفراغ في قصر بعبدا (أيّاً كان هذا الرئيس، ولو حتّى مرشّحه المفترض سليمان فرنجيّة)..أم أنّه يفضّل "الشغور" بما يُتيح له التحكّم بقرار السلم والحرب وبكيفيّة تطبيق 1701 بعيداً عن أيّ مشاركة رسميّة (رئيس الجمهورية)، خاصّة بعد أن وفّر لنفسه "تحييد" كلّ من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجيّة عبدالله بو حبيب اللذين بادرا صاغرين إلى تسليمه "مفاتيح البلد" تماماً كما تسلّم ذات مرّة المندوب السوري السامي رستم غزالي "مفاتيح بيروت"؟

سيادة المطران عودة، لا مصلحة للحزب في انتخاب رئيس، وحتّى إشعار آخر، ربطاً بالتطوّرات السياسية والعسكرية في لبنان والمنطقة..وبشكل أكثر وضوحاً:حزب الله هو المعرقل..ونقطة على السطر!