قواعد عسكرية تحت الأرض.. إستراتجيّة إيرانيّة إتّبعها الحوثي و"الحزب"...

منذ نشأتها قبل عقدين، لم يتوقف تركيز جماعة الحوثيين عن التحصن بالجبال وتطوير الملاذات والكهوف أسفل الجبال البعيدة والمنيعة، وبناء المخابئ والقواعد العسكرية المدفونة تحت الأرض انطلاقا من مرتفعات صعدة شمال البلاد، واعتمادا على الطبيعة الحوثية كجماعة متمردة تقوم على عقيدة حروب العصابات وقتال الجبال.
كما استفادت من استراتيجية وأسلوب إيران في التخفي الذي تم تعميمه على وكلاء وجماعات "المحور"، هذا التكتيك الإيراني الذي نهجه الحوثيون في ضحيان صعدة، اتبعه "حزب الله" في الضاحية اللبنانية.
بحسب تحقيق أجرته منصة "ديفانس لاين"، وهي منصة يمنية مستقلة مهتمة بالشأن الأمني والعسكري، تتمركز الجماعة عسكريا في صعدة والمناطق الجبلية المحيطة، ووجهت أكبر مجهودها واستثماراتها في تطوير بنى عسكرية منيعة، شارك في تخطيطها قادة من "فيلق القدس" الإيراني وخبراء من "حزب الله" اللبناني، ومن جنسيات أخرى موالية لطهران.
وقد ركزت الميليشيا الحوثية قدراتها ومنشآتها الرئيسية على سلسلة المرتفعات الجبلية وسط صعدة الممتدة إلى أطراف الحدود مع السعودية شمالا وإلى مناطق الجوف شرقا وحجة غربا وعمران جنوبا. وأحاطت مدينة صعدة، مركزها العملياتي والفكري، بحزام عسكري وأمني.
وتشير مصادر محلية ومصادر الاستخبارات المفتوحة بحسب التقرير إلى قيام الجماعة خلال السنوات الماضية بإنشاء عدد كبير من القواعد والمقار العسكرية والمرافق اللوجستية في مناطق مختلفة من محافظة صعدة وجوارها، وأعادت تأهيل وتطوير بنيتها القديمة، ونقلت أصولها وتقنياتها الحربية المتطورة إلى صعدة ومناطق مجاورة.
مديرية كتاف- البقع، وهي أكبر مديريات محافظة صعدة جغرافيا وتقع إلى الغرب من المحافظة، كغيرها من غالبية وأهم المناطق الصعداوية وجبالها الاستراتيجية ومواقعها الحاكمة حولتها الميليشيا الحوثية إلى مناطق عسكرية محظورة ومركز لإدارة حروبها وتنفيذ عملياتها داخل وخارج الحدود اليمنية.
ويشير التقرير إلى أن واحدا من أكبر مجمعات القواعد والمنشآت العسكرية الحوثية يقع فيها خصوصا في المناطق الجبلية التي تقع إلى الجهة الغربية والشمالية الغربية لكتاف، وهي مرتفعات واسعة قريبة من حدود مديرية الصفراء جنوبا وغربا، وتمتد إلى الحدود مع السعودية شمالا.
هذه المنطقة الجبلية تقع فيها عدة قواعد ومنشآت عسكرية، تضم منشآت كبيرة تحت الأرض ومخابئ وأنفاقا ومخازن ومقرات قيادة وسيطرة محصنة، تم تأمين خطوط الاتصال والربط بينها عبر شبكة واسعة من الطرق التي تم شقها خلال السنوات الأخيرة.
تشير مصادر "ديفانس لاين" والصور التي وثقتها الأقمار الصناعية إلى وجود ثلاث قواعد عسكرية رئيسية على الأقل، في المرتفعات الجبلية التابعة لمنطقة آل مقبل، والتي تتصل بمنطقة "العصايد" شمالا وتقع إلى الجنوب من الطريق الرئيسي الرابط بين مدينة صعدة وكتاف- البقع، وترتبط بسلسلة جبلية تمتد إلى أملح آل سالم، ويحدها غربا مناطق عكوان وكهلان التي يقع فيها معسكر كهلان.
طبيعة تضاريس المنطقة جعلتها منطقة مثالية لاستخدامها عسكريا، ولكونها جبلية ووعرة وغير مأهولة بالسكان، وسهلة الإغلاق والتحكم بخطوط وقنوات الوصول إليها وتأمينها عبر نقاط تفتيش ونقاط مراقبة وبوابات رئيسية للدخول والخروج، إذ يفيد سكان أن تلك المنطقة تتخذها الميليشيا الحوثية مركزا عسكريا ومنطقة محظورة منذ سنوات.
كما توضح صور الأقمار أن تلك المنطقة تضم مخازن تحت الأرض ومخابئ أسفل الجبال تضم مرافق لوجستية ومراكز قيادة وسيطرة، وتخزين صواريخ باليستية وورش تجميع وتصنيع. واستخدمتها الجماعة خلال الفترات الماضية لإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيرة، وتتمركز فيها مراكز اتصالات رئيسية وأنظمة توجيه وأسلحة وذخائر دفاع جوي ورادارات.