لبنان بين شرعية الدولة وسلاح بلا شرعية: من يحكم القرار؟

بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم

لبنان بين شرعية الدولة وسلاح بلا شرعية: من يحكم القرار؟

لبنان لا يعيش مجرد أزمة حدود مع إسرائيل.

هو اليوم في قلب معركة كبرى لاستعادة قراره، وضبط أمنه، وفرض احترام الدولة فوق كل اعتبار.

الزيارة المرتقبة لنائبة المبعوث الأميركي الخاص، مورغان أورتاغوس، تأتي في لحظة حسّاسة، تضع الدولة أمام خيار واضح: إما أن تستعيد دورها الكامل، أو تبقى رهينة سلاح لا يخضع لها.

 

فالمعادلة التي تُطرح حاليًا ليست بين السلام والحرب، بل بين الدولة واللادولة.

والسؤال الحقيقي: هل يملك لبنان اليوم شجاعة اتخاذ القرار التاريخي؟

 

الترسيم ليس تطبيعًا... بل فرصة للسيادة

 

حين تطرح واشنطن ترسيماً دائماً للحدود، لا يعني ذلك بالضرورة انخراط لبنان في اتفاق سلام، بل خطوة نحو تثبيت الاستقرار وبناء دولة مؤسسات تحصر السلاح بيد جيشها الوطني فقط.

 

من غير المقبول، بعد كل ما عاناه لبنان من حروب وعزلة ودمار، أن يبقى قرار الحرب والسلم بيد جهة لا تخضع للمساءلة، حتى لو رفعت شعار المقاومة.

 

الدولة أولاً... لا السلاح

 

ما قاله رئيس الحكومة نواف سلام بوضوح: "صفحة سلاح حزب الله قد طويت"، ليس تصريحًا عابرًا، بل رؤية سياسية جريئة تؤكد أن المرحلة القادمة يجب أن تُبنى على مؤسسات شرعية لا على قوى الأمر الواقع.

 

فلا إعادة إعمار ممكنة، ولا مساعدات دولية مضمونة، ولا علاقات خارجية محترمة، ما دام هناك سلاح منفلت عن سلطة الدولة.

 

ازدواجية الواقع لا يمكن أن تستمر

 

لبنان لا يستطيع الاستمرار في سياسة النفاق الوطني:

جيش وطني مشرّف على الأرض، لكنه مقيّد على الحدود.

دولة تعلن التزامها بالقانون الدولي، لكنها لا تتحكم بأمنها.

 

أما الازدواجية في الموقف الأميركي – بين الإشادة بالجيش وانتقاد صواريخ من خارج الدولة – فهي ليست تضارباً، بل دعوة مبطّنة للبنان لقول كلمته: من يقرر على الحدود؟

 

منطق الدولة أقوى من أي سلاح

 

نعم، "حزب الله" لعب دوراً في تحرير الأرض.

لكن الدولة الآن في مرحلة مختلفة:

 

نحتاج إلى دبلوماسية قوية

 

وإلى جيش موحّد

 

وإلى سلاح واحد

وقرار واحد

أي مشروع مستقبلي للبنان لا يمكن أن يُبنى على سلاح خارج الدولة.

ولا على بيانات تصدر من الضاحية بدل مجلس الوزراء.

 

المطلوب ليس التبعية للغرب ولا الرضوخ للعدو، بل استعادة كرامتنا من خلال مؤسسة رسمية واحدة تحمل السلاح وتحمي الحدود.

لبنان لا ينهض إلا من بوابة الدولة.

 

وهذه اللحظة – بين الترسيم ونزع السلاح – هي فرصة تاريخية لنقول: كفى... نريد دولة قوية، لا مقاومة أبدية.