جنبلاط "يشاكس" السعوديّة!
خاص مراسل نيوز
دون سابق إنذار، خرج الإعتراض الجنبلاطي على السعوديّة إلى العلن، وهو ما كان يتجنّبه سيّد المختارة في معظم مسيرته السياسية..فما الذي دفع وليد جنبلاط الى إنتقاد الأداء السعودي في الموضوع الرئاسي اللبناني، بدايةً بالتلميح، ومن ثمّ في العلن حين تساءل خلال زيارة البطريرك الراعي الى الجبل:"ماذا تريد السعودية في لبنان"؟
لم يأته الجواب، كما يريد.بل استمرّت السعودية في غموض موقفها، رغم دورها المتزايد على الأرض:إجتماع لمفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان ونواب السنّة في دارة السفير وليد البخاري بحضور المبعوث الفرنسي لودريان، حفل العيد الوطني في وسط بيروت بمشاركة مفاجئة لرئيس القوات اللبنانية سمير جعجع..وسفر السفير البخاري للمشاركة في اجتماع فرنسي – سعودي حول لبنان.
إنتقل جنبلاط الى "تكتيك" آخر:تحميل مسؤولية تعطيل "حوار السبعة أيام" الذي دعا إليه نبيه برّي للأطراف المسيحية، شاملاً القوات اللبنانية، الحليف الرئيسي للمملكة.مع العلم أنّ جنبلاط يعرف كلّ المعرفة أنّ هذا النوع من الحوارات (بلا برنامج ولا مسودّة عمل) هو مجرّد "وقت ضائع" لا يوصل الى مكان، خاصة أنّه سبق له أن خاض غمار أكثر من حوار مباشر وغير مباشر مع حزب الله دونما نتيجة، كما فعل كذلك مع رئيس المجلس، دون أن يتمكّن من إزاحة الثنائي الشيعي قيد أنملة عن موقفهم المتشبّث بترشيح سليمان فرنجية..أو لا أحد!
غالباً ما تكون "تحوّلات" حنبلاط غير المتوقّعة هي نتيجة طلبات "تحت الطاولة" لم تلقَ آذاناً صاغية لدى الجهة المعنية، وهي هنا السعودية..فماذا طلب ويطلب الزعيم الدرزي من دوائر القرارفي الرياض؟
هل هي مطالب لبنانية..أم هي ذات صلة بما يدور في السويداء، والتي لم تلقَ بعد سوى بعض الدعم المحدود من الإدارة الأميركية، وبعض التفهّم من ملك الأردن؟ فهل طلب جنبلاط دعماً لم يأتِه من السعودية؟
ربّما.فزعيم المختارة شديد الحساسيّة على كلّ تفصيل يخصّ وضع الطائفة الدرزية، أكان في لبنان أو في جبل العرب، أو في أيّ بقعة من بقاع الأرض."الرجل" مستعدّ للتنازل والمساومة، وحتّى البيع والشراء، في كلّ القضايا، إلّا ما يمسّ الوجود الدرزي..وانتفاضة السويداء، التي أعلن تأييده المطلق لها في مواجهة نظام بشار الأسد، يُريد لها أن تلقى "الحضن الدافئ" من السعودية وغيرها من دول الخليج والعالم، وهو ما لم يحصل بعد!
طالما اتّقن جنبلاط "لعبة البولينغ" (أو المشاكسة) في الساحة السياسية، فهو يوجّه الطابة يميناً كي يصيب يساراٍ، أو يرمي بها في الملعب المحلي كي تلقى الصدى في الملعب الخارجي:جنبلاط يستعمل تناقضات الداخل، كي يحمي السويداء، ويوفّر لها الغطاء العربي والدولي الكافي، وسط إشكاليّة أنّ السعودية لا تزال تهادن نظام الأسد، على أمل (شبه مستحيل) باستعادته الى "الحضن العربي"، كما جرى عند إعادته الى الجامعة العربية، وبقي يغرّد – بكامل رضاه ووعيه – في كلّ من طهران وموسكو، ومؤخّراً بكين!