لبنان: من وعود الطائف إلى تحديات 1701… رحلة البحث عن سيادة ضائعة

بقلم الناشط و الباحث السياسي عبد الحميد عجم

لبنان: من وعود الطائف إلى تحديات 1701… رحلة البحث عن سيادة ضائعة

لبنان: من وعود الطائف إلى تحديات 1701… رحلة البحث عن سيادة ضائعة

 

عندما وُقّع اتفاق الطائف عام 1989، كان الأمل يحدو اللبنانيين في دخول عصر جديد من السلم والاستقرار بعد سنوات من الحرب الأهلية. ولكن، على الرغم من أهمية الطائف، واجه لبنان تحديات كبيرة أمام تحقيق سيادته الكاملة. لقد عطلت التدخلات الإقليمية، وخاصةً الهيمنة السورية، الجهود الرامية إلى تجسيد أهداف الاتفاق، مما جعل لبنان يتقاسم مصير العديد من دول المنطقة التي غرقت في صراعات داخلية وخارجية بلا نهاية.

 

الطائف وتحدي النفوذ الخارجي

على الرغم من أن اتفاق الطائف صاغ توازنات طائفية تهدف إلى توحيد الصفوف، إلا أنه لم يعالج مسألة النفوذ الخارجي بشكل كافٍ. استمرت القوى السياسية اللبنانية في الانقسام على ولاءاتهم، مما أفسح المجال للصراعات الإقليمية والدولية تتجذر على الأراضي اللبنانية، وجعل فرض السيادة أمرًا بعيد المنال.

القرار 1559: أمل الاستقلال وسط الانقسامات

في عام 2004، أصدر مجلس الأمن القرار 1559، الذي دعا إلى خروج القوات الأجنبية ونزع سلاح الميليشيات، مؤكدًا على سيادة لبنان غير المنقوصة. ورغم أهمية هذه الخطوة، فإن القرار أدى إلى انقسام حاد في الداخل اللبناني؛ إذ اعتبره حزب الله وبعض القوى تدخلاً يحد من حق المقاومة، مما زاد من تعقيد المشهد السياسي وأضعف الجهود نحو تحقيق استقلال حقيقي.

القرار 1680: حدود السيادة غير المستقرة

جاء القرار 1680 في عام 2006 يطالب سوريا بترسيم الحدود مع لبنان والاعتراف بسيادته، ولكن انعدام التوافق الداخلي وعمق التجاذبات السياسية حالا دون تنفيذ هذا القرار، مما جعل لبنان عالقًا بين مصالح قوى إقليمية ودولية متضاربة.

القرار 1701: هدنة دون حسم

 

بعد حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، أتى القرار 1701 لوقف القتال على الحدود الجنوبية، ولكنه لم يعالج جذور الأزمة؛ فقد أبقى السلاح خارج سيطرة الدولة، مما عرّض لبنان لاحتمالات صراعات جديدة.

 

دعوة للمشاركة في استعادة السيادة

 

تظهر مسيرة لبنان، من الطائف حتى القرار 1701، أن الحلول الدولية وحدها لا تكفي لضمان استقرار دائم. المطلوب اليوم هو خطة وطنية شاملة لنزع السلاح غير الشرعي تحت إشراف دولي، مع دعم من الدول العربية الكبرى - خاصةً السعودية ودول الخليج العربي - لإعادة بناء الاقتصاد وضمان الأمن.

 

ندعو جميع القوى السياسية والمجتمع المدني والشعب اللبناني إلى توحيد الجهود والعمل معًا نحو تحقيق رؤية وطنية واضحة تضمن استقلال لبنان واستقراره. إن بناء مستقبل مشترك يتطلب التزامًا حقيقيًا من الجميع، سواء عبر الحوار أو العمل الفعّال لتحقيق التغيير المنشود. لنتعاون جميعًا في تشكيل لبنان الذي نستحقه، لبنان القادر على الوقوف بكرامة بين الأمم، بعيدًا عن التدخلات الخارجية، مستعيدًا هويته ومكانته كدولة ذات سيادة.