ولّادة أزمات!
بقلم مراسل نيوز
هذا البلد "ولّادة أزمات".بحكومة كاملة الأوصاف أو بحكومة تصريف للأعمال. نجيب ميقاتي صاحب مقولة "حلّوا عنّا" أو تمّام سلام أو سعد الحريري الذي لن يعود أو الطامحين المتهافتين أمين سلام وبسّام المولوي.برئيس "قويّ" مثل الجنرال ميشال عون أو بالفراغ المستمرّ منذ أكثر من سنة.بجلسات دستوريّة للمجلس النيابي أو يجلسات تشريعيّة بحكم الضرورة الوطنيّة، كما في حال الجلسة الأخيرة التي أقرّت موازنة غير متوازنة.بموازنة ضرائب بمفعول رجعي أو بموازنة تُقرّ معظم بنودها دون أن يستمع النوّاب الى موادها وأرقامها، كما جاء على لسان النائب وضّاح صادق، منتقداً المشروع الذي تقدّم به نوّاب اللقاء الديمقراطي قبل فرط الجلسة بدقيقتين ونصف الدقيقة، ونادى عليه رئيس المجلس النيابي نبيه برّي "صُدّق" دون أن يكلّف نفسه عناء تلاوته على مسامع الحاضرين!
إنتهت جلسة المصادقة على موازنة الضرائب (التسمية الوحيدة التي تليق بها) للعام 2024، لتتناسل مباشرة ما بعدها سلسلة الأزمات والإعتراضات التي تطال معظم مرافق حياة المواطنين، من رغيف خبز وبنزين ومازوت ومولّدات كهرباء ومستشفيات.بين ليلة وضحاها، عادت كوابيس السنوات الماضية إلى أذهان اللبنانيين:الطوابير أو السوق السوداء أمام محطّات البنزين والأفران وربّما الصيدليات.
مستوردو المشتقّات النفطيّة من بنزين ومازوت وغاز أعلنوا توقّفهم عن تسليم هذه المواد الى المحطات والموزّعين.أمين السرّ والإعلام في نقابة موزّعي الغاز جان حاتم قال:"الكميّات لدى شركات التعبئة ليست كبيرة والمستهلك لا تنقصه أزمات إضافيّة".بعض محطّات البنزين رفعت خراطيمها أمام السيّارات بحجّة نفاذ الكميّات في خزّاناتها.المستشفيات تناشد المورّدين عدم شمولهم بقرار وقف مدّ السوق بالمواد اللازمة لتشغيل مولّداتهم ما ينعكس سلباً على المرضى المحتاجين الى الأوكسيجين 24 على 24.أصحاب موتيرات الكهرباء بشّروا المشتركين بالتقنين القاسي..والسبّحة تكرّ.الرئيس السابق لاتحاد نقابات المخابز والأفران علي ابراهيم حذّر من "أزمة رغيف" إذا ما فرضت عليهم ضريبة جديدة أو غرامة إعتبرها "نصبة كبيرة".نقابة إتحاد القصّابين والمواشي بدورها رفضت الضريبة بمفعول رجعي، معتبرة أنّهم كانوا يلتزمون بتعاميم مصرف لبنان، ليس إلّا!
باختصار شديد، يمكن القول "أنّ الدني قايمة قاعدة" بين الدولة من جهة، وبين كبار التجّار والمستوردين من جهة أخرى..ولكن من يدفع الثمن؟
رئيس الحكومة ميقاتي – كما فعل من قبل – يستطيع أن يستورد على حسابه "اللحم الأوسترالي" بآلاف الدولارات دون أن يتأثّر بقرار إتّحاد القصّابين والمواشي.النقيب السابق علي ابراهيم (شقيق الرئيس السابق للمدير العام للأمن العام) لن يترك الرئيس برّي والحاشية دون خبز وكعك وما لذّ وطاب في الأفران والباتيسيرات.الوزراء والنواب، ومعظمهم أصحاب أسهم وعمولات في شركات النفط وبواخر الفيول الراسية قبالة الشاطئ، لن يقفوا في الطوابير (كما لن تقف نساؤهم ولا أولادهم) التي أذلّتنا لفترة طويلة من الزمن.وكذلك أحوالهم مع المستشفيات وباقي القطاعات، فأسرّتهم محفوظة ومكانتهم في الصون والأمان.
البلد، بلا أزمات طارئة ومستفحلة، لم يعد صالحاً للإستعمال البشري..فكيف الحال مع مسؤولين من هذه الأصناف، ومع أزمات ومشاكل تتناسل كالأرانب، كلّ أربعين يوماً أو أقلّ أو أكثر "دفعة جديدة"؟