أميركا تطلق مسار اسقاط نتنياهو.. في اطار اعادة صياغة الوقائع فلسطينياً ولبنانياً
بقلم الكاتب والباحث السياسي ربيع المصري - خاص مراسل نيوز
تتزاحم الأحداث والتطورات في المنطقة. تسرّب خبر الإجتماعات والمفاوضات بين الإيرانيين والأميركيين في سلطنة عمان، وهي مفاوضات مستمرة على مستوى الخبراء وسط تحضير لعقد اجتماع جديد على مستوى سياسي في الأسبوع المقبل بحسب ما تقول مصادر ديبلوماسية. في موازاة التفاوض الأميركي الإيراني، يستمر التفاوض الأميركي السعودي في سبيل الوصول الى تفاهمات حول الوضع في المنطقة ككل، إن على صعيد العلاقات الأميركية السعودية أو على صعيد العلاقات الأميركية الإسرائيلية، وسط شرط سعودي واضح وهو وقف الحرب على غزة، اعتراف اسرائيل بحل الدولتين كمدخل أساسي لأي مفاوضات. الى جانب المسارين، من الواضح أن الأميركيين فتحوا مساراً ثالثاً، وهو زيادة منسوب الضغط على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيمين نتنياهو، وهناك محاولات مستمرة منذ فترة في سبيل تحقيق الضغط على نتنياهو أو التلويح بإسقاط حكومته.
تقول مصادر ديبلوماسية إن المحاولات لإسقاط حكومة نتنياهو ستستمر وقد تتزايد في منتصف حزيران خصوصاً بعد المهلة التي وضعها بني غانتس لتبني خطة سياسية واضحة لمقاربة الوضع في غزة، وبحال عدم تبنيها من قبل نتنياهو فإنه سيستقيل. ولكن بحسب ما تقول المصادر الديبلوماسية فإن انسحاب غانتس لا يكفي لإسقاط حكومة نتنياهو، لذلك هناك محاولات أميركية للعمل على شخصيات داخل الحكومة وداخل الليكود حتى لإضعاف نتنياهو أكثر. المفارقة أن الأميركيين يقومون بهذه الضغوط على وقع مفاوضاتهم مع ايران في سلطنة عمان، ومع السعودية. اميركا المهتمة جداً بالوصول الى تفاهم مع ايران، لحسابات انتخابية تريد أيضاً تحقيق تقدم على الخط السعودي الإسرائيلي لاستثماره انتخابياً كذلك. في هذا السياق، هناك قناعة تتكون أن أي مدخل لتحقيق التقدم لا بد له أن يمر بإسقاط نتنياهو وتشكيل حكومة جديدة، أو الضغط على نتنياهو وتهديده بالإستقالة لإعادة تشكيل ائتلاف سياسي من حوله يدفعه الى القبول بالمسار الأميركي المفروض حول وقف الحرب في غزة والموافقة على حل الدولتين.
أما بالنسبة الى مسار التفاوض الأميركي مع ايران فأيضاً هو يمر من خلال وقف الحرب على غزة، ومنع اسرائيل من التصعيد ضد حزب الله في لبنان باعتباره خط أحمر، ووقف الهجمات الأميركية ضد الحوثيين في اليمن. وتشير مصادر ديبلوماسية متابعة إلى أن الأميركيين والإيرانيين أبدوا حرصاً على عدم توسع الصراع مع حزب الله وتحوله الى حرب لأن لا مصلحة لأحد بها، بينما هناك جهات ديبلوماسية أوروبية تبدي خوفها من أن تنعكس الصراعات الداخلية الإسرائيلية وخصوصاً محاولات تطويق نتنياهو واسقاط حكومته في ذهابه الى تصعيد الوضع على الجبهة الشمالية في إطار الهرب الى الأمام.
بحسب ما تشير مصادر ديبلوماسية متابعة فإن الولايات المتحدة الأميركية تركز مع ايران على البحث في وضع المنطقة ككل بما فيها الساحة اللبنانية، ليس فقط في محاولة تجنب التصعيد العسكري، إنما انتاج حلّ سياسي يؤدي الى إعادة تشكيل السلطة من خلال انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، وهذا ضمن سياق إعادة صياغة الواقع اللبناني، خصوصاً في ظل الأزمة المالية الكبرى، على اعتبار أن تهدئة الوضع في الجنوب واعادة تشكيل السلطة ستؤدي الى ترييح الوضع المالي، وفتح المجال أمام بعض الإستثمارات، ولكن هذا لا بد أن يرتكز على الجيش اللبناني الذي أصبح يستند على المساعدات الخارجية، وهذا يحتاج الى إعادة صياغة الواقع بالإنطلاق من تسوية سياسية كبرى تفتح الباب أمام استثمارات اقتصادية تترافق مع خطوات واضحة لإعادة تعزيز قدرات الجيش اللبناني.