أين تتقاطع "الزيارتان"؟
بقلم مراسل نيوز
ماذا ذهب يفعل البطريرك الراعي على رأس وفد من مطارنة الكنيسة في أرض الجنوب الملتهب، وماذا ذهب يفعل وفد حزب الله (المعاون السياسي للأمين العام حسين الخليل ومسؤول وحدة الإرتباط وفيق صفا) في كليمنصو للقاء وليد جنبلاط بحضور النائبين تيمور جنبلاط ووائل أبو فاعور، الوزير السابق غازي العريضي وأمين سرّ الحزب التقدّمي ظافر ناصر..وما هو الجامع المشترك بين الزيارتين؟
زيارة الراعي الى الجنوب ليست رعاويّة، وإلّا لما كان رؤساء بلديات وفاعليات بلدات رميش وعين إبل ودبل قد أصدروا بياناً مشتركاً حمل بعض الإنتقاد للزيارة، حيث جاء فيه: "لو أنّ زيارة صاحب الغبطة مع صحبه الكرام، تشمل البلدات نفسها التي تضمّ الرعايا التابعة للكنيسة المارونية والكنائس الشقيقة، كي يشعر الأهالي ومن بقي منهم بالعناية الروحية والمعنوية المرجوة".وتابع البيان:"اننّا إذ نقدّر المحاذير الأمنية المفترضة..نتمنّى على صاحب الغبطة أن يشرّف بلداتنا بزيارة تحلّ معها بركته الأبوية، لأنّ ذلك يشكل مدعاة ارتياح عميق وتشجيعاً إستثنائياً على الصمود في أرضنا، لنبقى دائماً خلف راعينا وسائر الرعاة الأفاضل، علامة لحضورنا في الأرض التي وطئها السيّد المسيح".
إذاً، ما هدف الزيارة طالما أنّها لا تشمل القرى المسيحية المتاخمة للحدود، وأين تصبّ مراميها الفعلية؟
لا شكّ أنّ الزيارة، من خلال طبيعة اللقاءات وتصاريح الراعي (أنّنا هنا لنعلن تضامننا الكامل مع كلّ أهلنا في الجنوب، على تنوّعهم..وإنّ الجنوب سياج الوطن) إنّما تصبّ في خدمة معركة حزب الله الذي يفتّش عن "غطاء مسيحي" لكلّ خطوة يخطوها، أكان في حربه المحدودة دعماً لغزّة ولمحور إيران في المنطقة، أو كان لإقدامه على القبول بالتمديد لقائد الجيش جوزيف عون، وهو ما يشكّل الهاجس الأساس والأكبر لدى بكركي في هذه المرحلة:الزيارة وما رافقها من لقاءات وتصاريح هي "الثمن" مقابل موافقة الحزب على التمديد لعون، خاصة وأنّه يجازف بخسارة حليف مار مخايل الذي يخوض معركة حياة أو موت بالنسبة لمصير قائد الجيش.الراعي في الجنوب لطمأنة الحزب على اعتدال الكنيسة من حربه مع أسرائيل، على أن يمرّر الحزب الجلسة النيابية التي يمكن أن تمدّد 6 أشهر أو سنة في قيادة الجيش!
..وما علاقة ذلك بزيارة الحزب الى كليمنصو؟
أيضاً الزيارة تتمحور حول التمديد للعماد عون، خاصة وأنّ موعد نهاية خدماته يقترب في العاشر من كانون الثاني 2024.لقد أراد الحزب أن يبرّئ ذمّته أمام حليفه اللدود جبران باسيل.فقد أتى كلّ من المعاون السياسي الخليل ومسؤول وحدة الإرتباط صفا في محاولة أخيرة لإقناع جنبلاط بصيغة تعيين رئيس جديد للأركان على أن يتسلّم قانوناً القيادة بعد عون، ولكنّ جنبلاط الحريص على العلاقة مع المسيحيين رفض مراراً وتكراراً هذه الصيغة التي ستغضب بالتأكيد سيّد بكركي والقوى المسيحية المعارضة.هذه كرة نار لا يريد وليد بيك أن يمسكها بين يديه في هذه المرحلة المصيرية التي يمرّ بها البلد، وتمرّ بها المنطقة!
"الزيارتان" وإن اختلفت مراميهما وأبعادهما، إنّما تقودان الى أمر واحد:أنّ التمديد لقائد الجيش بات سالكاً، أكان عبر جلسة حكومية إذا ما أراد باسيل أن يخفّف من خسارته المعركة..أو من خلال جلسة تشريعية للمجلس النيابي حيث يمكن للرئيس نبيه برّي وقائد القوات سمير جعجع أن يعلنا بالصوت والصورة "النصر" على رئيس التيار الوطني!