أوبك على مسار التوسع... وكبار المنتجين يمتلكون أدوات "ضبط الأسواق"

أوبك على مسار التوسع... وكبار المنتجين يمتلكون أدوات "ضبط الأسواق"

 تشير تقارير وتصريحات المسؤولين رفيعي المستوى في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" إلى بحث المنظمة في توسيع قاعدة عضويتها خلال الفترة المقبلة، وكذلك إلى امتلاك كبار المنتجين لأليات قوية تتيح لها ضبط توازن واستقرار الأسواق، منها طاقة إنتاجية فائضة عملاقة لاستخدامها عند الحاجة ووفق الطلب.

وأكد هيثم الغيص، أمين عام "أوبك"، أن المنظمة تُجري حالياً مشاورات مع دولٍ عدة لديها رغبة بالانضمام إلى "ميثاق التعاون المشترك" الذي انضمت إليه جمهورية البرازيل مؤخرًا، بما يدعم الجهود الجماعية البناءة في هذا الشأن، مشيرا إلى أنه سيتم الإعلان عن أسماء هذه الدول بعد انتهاء المشاورات التي لا تزال مستمرة.

ونقلت وكالة أنباء الإمارات (وام) عن الغيص قوله إن "الميثاق" يهدف إلى تسهيل عملية الحوار بين الدول المشاركة فيه والدول المنتجة والمستهلكة للنفط من أجل تعزيز استقرار أسواقه والتعاون في مجالاتٍ عدة منها التكنولوجيا، بما يصب في مصلحة جميع أطراف صناعة النفط.

وأضاف أن الميثاق يؤكد على أهمية عدد من القضايا المحورية مثل تعزيز أمن الطاقة والقضاء على فقر الطاقة ودعم نمو الاقتصاد العالمي، إضافةً إلى قضايا البيئة والتغيير المناخي. وأشار إلى أن الدول المنتجة للنفط المشاركة في الميثاق مستمرة بالتشاور وتبادل الآراء فيما يخص تطورات أسواق النفط العالمية بشكلٍ منتظم لبحث أفضل السبل لتحقيق هدف اتفاقية الميثاق الأهم، وهو استقرار الأسواق.

وحول وجود أية تغيرات مستقبلية تخص إنتاج "أوبك"، قال الغيص إن النجاحات المتواصلة للاتفاقية حفزت الدول المشاركة في الإعلان على مواصلة تكثيف الجهود والتعاون فيما بينها لدعم استقرار أسواق النفط العالمية، وفي الوقت الحالي يوجد اتفاق ساري المفعول حتى نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

وأكد أن جميع الدول المشاركة ملتزمة تمامًا بالاتفاقية فيما يخص تخفيضات الإنتاج، وإضافة إلى ذلك قامت بعض الدول المشاركة في الاتفاقية، وهي السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وسلطنة عمان، بتخفيضات طوعية إضافية في الإنتاج سارية المفعول حتى نهاية شهر آذار (مارس) المقبل لتقديم المزيد من الدعم لأسواق النفط العالمية من أجل استقرارها.

وأضاف أن منظمة "أوبك" بمشاركة الإمارات تسعى دائما إلى تحقيق الاستقرار في السوق العالمي للنفط عبر دراسة أساسيات السوق ومتغيراته مثل مستويات الطلب والإمداد والاستثمارات وغيرها من العوامل لاتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استقرار الأسواق.

دعم وخطط إماراتية

وفي هذا الإطار، قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي لوكالة أنباء الإمارات إن بلاده ملتزمة بالعمل مع الشركاء في أوبك+ بهدف دراسة وضع السوق واتخاذ القرارات التي من شأنها أن تضمن استقرار سوق النفط العالمية.

وأشار المزروعي إلى أن سوق النفط كبيرة وتدخل فيها معادلات كثيرة، منها الأوضاع الجيوسياسية التي يشهدها العالم. موضحا أن الإمارات تستهدف مضاعفة مشاريع الطاقة المتجددة بواقع ثلاثة أمثال بحلول عام 2030، وأن وزارته تعمل على تحديث القوانين والتشريعات التي تتلاءم مع متطلبات حكومة المستقبل بما يسهم في استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاعات الطاقة والنقل والبنية التحتية.

 

متغيرات كثيرة

أما بشأن تأثير المتغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم على مشهد الطاقة العالمي خلال العام الحالي، قال الغيص إن "أسواق النفط العالمية تتأثر بشكلٍ مستمر بعوامل مختلفة منها ما يكون خارج سيطرة منظمة أوبك ومنها ما يمكن للمنظمة أن تؤثر عليه؛ لذا تواصل المنظمة دورها الحيوي عبر تكثيف الجهود والتعاون بين الدول الأعضاء لدعم استقرار الأسواق عبر تزويدها بإمدادات موثوقة ومنتظمة".

وأشار إلى أن تقرير أسواق النفط لشهر كانون الثاني (يناير) الماضي توقع أن يبلغ نمو الطلب العالمي على النفط لهذا العام أكثر من مليوني برميل يوميًا، منها حوالي 300 ألف برميل يوميًا في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وأكثر من مليون برميل يوميًا في الدول الأخرى.

وأضاف الغيص أن التقرير يرى أن الطلب العالمي الكلي على النفط سيصل إلى معدل 104 ملايين برميل يوميًا في هذا العام، نتيجةً لتحسن أوضاع قطاعات الطيران والنقل البري، إضافةً إلى تعافي النشاطات المختلفة في قطاعات الزراعة والبناء والتصنيع في الدول التي لا تنتمي إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وأوضح أن التقديرات المبدئية لعام 2025 تشير إلى أن النمو المتوقع للطلب العالمي على النفط سيكون حوالي 1.8 مليون برميل يوميًا، مقدرا النمو في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بحوالي 100 ألف برميل يوميًا، وحوالي 1.7 مليون برميل يوميًا في خارجها.

تحولات الطاقة السعودية

وفي سياق منفصل، قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان يوم الاثنين، إن المملكة قررت تعليق خططها لرفع طاقة إنتاجها النفطي بسبب تحول الطاقة، مضيفا أن المملكة لديها الكثير من الطاقة الفائضة لدعم سوق النفط.

ووجهت الحكومة السعودية في 30 كانون الثاني الماضي شركة النفط الحكومية العملاقة أرامكو بوقف خطتها لرفع طاقة إنتاج النفط، وإلى استهداف طاقة إنتاج قصوى مستدامة عند 12 مليون برميل يوميا، أي ما يقل بمليون برميل يوميا عن الهدف المعلن في 2020 والذي كان موضوعا للوصول إليه في 2027.

وقال الوزير في المؤتمر الدولي لتكنولوجيا البترول في الظهران: "أعتقد أننا أجلنا هذا الاستثمار لأننا ببساطة... نشهد تحولا". وأضاف أن أرامكو لديها استثمارات أخرى لتنفيذها، منها استثمارات في النفط والغاز والبتروكيماويات والطاقة المتجددة.

وفي ظل تخفيضات الإنتاج المتفق عليها في إطار تحالف أوبك+، يقل إنتاج النفط السعودي بنحو ثلاثة ملايين برميل يوميا عن طاقته القصوى المستدامة، مما يجعلها صاحبة أكبر طاقة فائضة في العالم.

وقال الأمير عبد العزيز إن المملكة لديها طاقة نفطية فائضة توفر وسيلة تحوط "ضخمة" من أي اضطرابات كبيرة في الإمدادات العالمية بسبب صراعات أو كوارث طبيعية، مضيفا: "نحن مستعدون للتعديل بالرفع أو الخفض في أي وقت، مهما كانت مقتضيات السوق".

وانتقد قرارا جاء بتنسيق من وكالة الطاقة الدولية في 2022 بالإفراج عن نفط من احتياطيات الطوارئ بهدف تهدئة الأسعار العالمية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. وقال: "لماذا يجب أن نكون آخر دولة في حيازة قدرة الطاقة، أو قدرة الطوارئ، عندما لا يحظى ذلك بالتقدير وعندما لا يحظى بالاعتراف؟".

وقال الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين الناصر خلال نفس المؤتمر إنه يتوقع أن يرتفع الطلب على النفط إلى 104 ملايين برميل يوميا هذا العام وإلى 105 ملايين برميل يوميا في 2025، وقال إنه لا يتفق مع التوقعات بأن يصل الطلب إلى ذروة في أي وقت قريب.

وتظهر أرقام أوبك أن الطلب على النفط بلغ مستوى غير مسبوق وتجاوز 102 مليون برميل يوميا العام الماضي.

ومن جهة أخرى، قال الناصر إن المساهمين هم من سيقررون ما إذا كانت أرامكو ستبيع المزيد من الأسهم في 2024.