القوة الأمنية العربية في غزة: تحالفات جديدة أم مناورة أمريكية إسرائيلية؟"

بقلم عبد الحميد عجم

القوة الأمنية العربية في غزة: تحالفات جديدة أم مناورة أمريكية إسرائيلية؟"

كشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أمس الخميس، نقلاً عن "3 مسؤولين مطلعين"، أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال زياراته إلى قطر ومصر وإسرائيل والأردن قبل أسبوعين، أبلغ محاوريه أن واشنطن نجحت في تجنيد حلفاء عرب في مبادرتها لإنشاء "قوة أمنية عربية في غزة ما بعد الحرب". وأبدت مصر والإمارات استعدادهما للمشاركة في هذه القوة التي "ستعمل جنبًا إلى جنب مع ضباط فلسطينيين محلّيين".

 

تشير الصحيفة إلى أن مصر والإمارات قدمتا طلبات للمشاركة في تلك القوة؛ فالقاهرة ربطت مشاركتها بخريطة طريق لإنشاء دولة فلسطينية مستقبلية وبالانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة، بينما طالبت أبو ظبي بمشاركة الولايات المتحدة نفسها في تلك القوة الأمنية.

 

من الواضح أن مجمل تاريخ نتنياهو السياسي مبني على تفكيك أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية. وبالتالي، فإن القيادة المصرية تعلم بالطبع أن الخطط الإسرائيلية، في ظل الحكومة الحالية، تهدف إلى هدم الدولة الفلسطينية وليس إنشائها. وتكفل بلينكن بالرد على طلب مشاركة أمريكا في القوة الأمنية بالقول إن بلاده ستساعد في إنشاء وتدريب القوة الأمنية لكنها لن تشارك فيها.

 

يبدو أن إعلان الولايات المتحدة عن هذه التسريبات بخصوص تفاصيل "القوة الأمنية العربية" هو جزء من دبلوماسية "اليوم التالي" للحرب التي تقوم واشنطن بوضع ترتيباتها لها. وقد أشارت إلى أن هذه الترتيبات ستتضح خلال الأسابيع القليلة المقبلة. ومع ذلك، يمكن ربط هذه التطورات، من الجهة الإسرائيلية، بما أعلنه بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، في حديثه يوم الجمعة الماضي لموقع أمريكي حول عمل حكومته على خلق "إدارة مدنية" في غزة "بالتعاون مع رعاية عربية مشتركة" لإدارة القطاع.

 

تصب هذه الإشارات الأمريكية - العربية - الإسرائيلية في الاتجاه نفسه ويمكن استخلاص ما لا تقوله فعلاً، وإنما تلمّح إليه. أول الاستنتاجات هو قبول فكرة القضاء على حكم "حماس" للقطاع، بل إن المشاركة في "إدارة غزة" تعني، من بين ما تعنيه، تقديم مظلة سياسية وعسكرية عربية لفكرة "القضاء على حماس" التي تستمر الحرب على غزة، حسب التصريحات الإسرائيلية، لتحقيقها.

 

يتناقض هذا مع تصريحات مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين كبار. ونحن لا نتحدث عن أقطاب المعارضة الإسرائيلية بل عن الناطق الحالي باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري الذي قال إن إمكانية القضاء المطلق على "حماس" هي "كذب على الجمهور وبيع أوهام" و"ذر للرماد في عيون الجمهور".

 

الاستنتاج الثاني هو أن الحديث عن موافقات عربية للدخول في "قوة أمنية" لإدارة غزة هو تخريجة أمريكية - عربية لخطة نتنياهو. وهذا يعني أن "الاشتراطات" هي، على الأغلب، نوع من "ذر الرماد في العيون" ومن قبيل الكليشيهات التي تمتلئ بها بيانات وزارات الخارجية العربية والتي تتجاهلها السلطات الأعلى، سياسياً وعسكرياً، حينما تريد.

 

الاستنتاج الثالث هو أن ما سيغير المعادلة الإسرائيلية -الأمريكية والمشاركات العربية فيها هي الوقائع على الأرض في غزة، وفي الاعتصامات والمظاهرات وأشكال الأنشطة والفعاليات، وكذلك في التحركات التي تبديها المكوّنات الفلسطينية والعربية والأجنبية رفضاً للإبادة. كذلك، تشمل التغييرات أشكال تفاعل الدول المتضامنة مع الفلسطينيين، والمنظمات الأممية والحقوقية في العالم