هوكشتاين يزور برّي!

بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

هوكشتاين يزور برّي!

قد تستغرق زيارة المبعوث الأميركي إلى لبنان 24 أو 48 ساعة، يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين السياسيين أو الشخصيات البارزة مثل الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، ولكن تبقى الزيارة الوحيدة ذات التأثير أو المفعول والنتائج إنّما تنحصر في المباحثات التي تدور في عين التينة، حيث يلتقي رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، لا كممثّل مفترض للشعب اللبناني، وإنّما كناطق رسمي معتمد من قبل حزب الله، الذي يحاول قدر الإمكان الإبتعاد عن الحوار المباشر مع الأميركيين، طالما أنّ الخطاب الرسمي الإيراني العلني لا يزال يصنّفهم ضمن خانة "الشيطان الأكبر"!

باقي الزيارات لا تقدّم ولا تؤخّر، وبالتأكيد تقتصر على الحديث السياسي العام، وعلى مخاطر الحروب وتداعياتها وعلى بروتوكول العلاقات الدبلوماسية، حيث يضطرّ أيّ مبعوث رسمي يزور بيروت، أن يلتقي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب، ولو من باب الصورة الإعلامية لا أكثر ولا أقل!

فماذا أتى يفعل هوكشتاين في عين التينة، وبماذا تختلف هذه الزيارة عن سابقاتها؟

ما استجدّ في المشهد السياسي – العسكري العام أنّ المبعوث الأميركي يعود إلى بيروت وسط تحوّل جذريّ في الموقف الإسرائيلي، وليس في الموقف اللبناني (أو الإيراني) وهو كالتالي:إعلان إسرائيل من طرف واحد "فكّ الإرتباط" بين الساحتين الجنوبيّة والغزّاوية، بمعنى أنّ "هدنة رمضان" إذا ما حصلت في غزّة، ليس بالضرورة أن تشمل جبهة لبنان، كما جاء في كلام واضح وتهديديّ من قبل وزير الدفاع غالانت.وقد عبّر هوكشتاين عن هذا التطوّر الخطير المستجد في كلامه المقتضب، بعد لقاء برّي، حين قال:"يجب ضمان أمن الجميع".والمقصود أنّ على الجانب اللبناني أن يقدّم الضمانات الأمنية الكافية لإسرائيل ما يسمح بعودة مستوطنيها بالعودة الآمنة الى بلداتهم المحاذية للحدود الجنوبية، أو بمعنى آخر أن يكفّ سلاح حزب الله عن تهديد المستوطنات، بعيداً عن تهويلات وادّعاءات كلّ من نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم بقوله "نحذّر العدوّ من إرتكاب أيّ حماقة بحقّ لبنان"، أو رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي تحدّث عن "الخطيئة الكبيرة" التي يمكن أن يرتكبها الجيش الإسرائيلي، وكأنّ دمار غزّة وثلاثين ألف شهيد وتخطّي جميع الخطوط الحمر في لبنان هي من "الصغائر" وليس من "الكبائر" التي تستحقّ الردّ!

هوكشتاين حضر الى بيروت، وفي جعبته أمر واحد:لجم تصعيد إسرائيل، بعيداً عمّا دار ويدور في قطاع غزّة، وذلك يمرّ حكماً بموافقة حزب الله على الفصل بين الساحتين، كما يمرّ باستعداد الحزب للبحث ولو التدريجي في تنفيذ مندرجات القرار الدولي 1701، وفي إعطاء ضمانات لمن يلزم بالكفّ عن تشكيل تهديد مرتقب لسكّان المستوطنات متى عادوا إلى بيوتهم..فهل يستطيع الحزب الإقدام على تقبّل أو الإلتزام بكلّ هذه الشروط؟

لا شكّ أنّ أيّ إتفاق إنّما يتطلّب "خطوات متبادلة" كي تكتمل رقصة التانغو.بمعنى أنّه على العدوّ الإسرائيلي أن يُبدي (بضمانات أميركيّة قاطعة) الإستعداد لتطبيق ما يخصّه من بنود القرار 1701:وقف الطلعات الجويّة فوق لبنان، الإنسحاب من تلال كفرشوبا حسب الخطّ الأزرق، وإبداء مرونة تجاه ما يمكن أن ترسو عليه المباحثات القانونية (مع سوريا) الخاصّة بمزارع شبعا!

ماذا سمع هوكشتاين في عين التينة؟ إنّه السؤال الذي يلخّص زيارة المبعوث الأميركي الذي حذّر من "أنّ التصعيد ليس من مصلحة أيّ طرف.التصعيد لن يحلّ الأزمة، ولن يساعد بإعادة البناء والتقدّم بهذا الوقت في لبنان.."..والأيّام القادمة، بما يمكن أن تحمله من تصعيد إلى حافّة الحرب، أو من تهدئة إلى حافّة السلام، هي الكفيلة بتوضيح الأجوبة التي سمعها "آموس" من "حسن" على لسان نبيه برّي!