الصمود في وجه الحرّ: دراسة القدرات البشرية لمواجهة تغيّر المناخ
في ظلّ التحدّيات المتزايدة التي يفرضها تغيّر المناخ، يجري العلماء أبحاثًا مكثفة لتحديد الظروف الحرارية التي يمكن للإنسان أن يتأقلم معها، في عالم يشهد ارتفاعًا في درجات الحرارة، وذلك من دون الاعتماد على أنظمة تكييف الهواء.
شهدت الولايات المتحدة مؤخّرًا موجات حرّ غير مسبوقة، بعد أسابيع قليلة من بداية الصيف، حيث أدّت هذه الموجات إلى وفاة ما لا يقلّ عن 38 شخصًا بسبب مضاعفات ناجمة عن الحرارة خلال هذا الموسم.
يعمل الباحثون على استكشاف الحدود الجديدة للتحمّل البشري في مواجهة موجات الحرّ الشديدة، مع التركيز على تحديد درجات الحرارة التي يمكن للأشخاص تحمّلها من دون الحاجة إلى تكييف الهواء، وكذلك تحديد الوقت الذي قد تصل فيه بعض المناطق إلى مستويات حرارية قاتلة.
يُعبّر بعض العلماء عن قلقهم من أن موجة حرّ شديدة قد تضرب منطقة لا تتوفر فيها أنظمة تكييف هواء موثوقة، ما قد يؤدي إلى وقوع كارثة بشرية. وتشير الدراسات الأخيرة إلى أن عتبات التحمّل للحرارة قد تكون أقل بكثير مما كان يُعتقد سابقًا، وهذا ينطبق بشكل خاص على الفئات الأكثر ضعفًا مثل كبار السن والأشخاص الذين يعيشون في المناخات الجافة.
تقول جينيفر فانوس، الأستاذة المشاركة في كلية الاستدامة في جامعة ولاية أريزونا، في بحثها، الذي نُشر في مجلة Nature Communications في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، إن العتبات الفسيولوجية لضربة الشمس أقل بكثير مما كان معروفًا سابقًا، بخاصة في الحرارة الجافة. إن قدرة الإنسان على التعرّق محدودة، وهذا ينطبق بشكل أكبر على كبار السن. وتؤكّد على أنه في الولايات المتحدة، ينبغي أن تكون الوفيات الناجمة عن الحرارة قابلة للوقاية بنسبة 100٪، وذلك من خلال توفير تكييف الهواء في المواقع الضرورية، لكن هذا ليس متاحًا في بعض مناطق العالم.
ويشير العلماء إلى العناصر التالية حول كيفية التعامل مع الحرارة المرتفعة والرطوبة الشديدة:
الحفاظ على برودة الجسم
لا يستطيع الجسم البشري تحمّل درجة حرارة تصل إلى 43 درجة مئوية (حوالى 109.4 درجات فهرنهايت).
أهمية الرطوبة
يعتمد البشر على التعرّق لتبريد أجسامهم، ولكن في البيئات الرطبة، قد لا يتبخّر العرق بكفاءة، ما يؤدي إلى تراكم الحرارة داخل الجسم وزيادة خطر الإصابة بضربة الشمس.
درجة حرارة المصباح الرطب
يستخدم العلماء هذا المقياس لتقييم تأثير الحرارة والرطوبة معًا، ويعتبرون 35 درجة مئوية (حوالى 95 درجة فهرنهايت) عند رطوبة 100٪ حدًا أقصى للتحمّل البشري من دون تبريد.
إعادة تقييم حدود تحمّل الحرارة
تشير الدراسات الحديثة إلى أن الحدود السابقة قد تكون مبالغًا فيها، وأن درجات حرارة المصباح الرطب الحقيقية التي يمكن تحمّلها قد تكون أقل، بخاصة للأشخاص الأصغر سنًا والأكثر صحة.
المخاطر المتزايدة لكبار السن
يواجه كبار السن خطرًا متزايدًا، خصوصًا في البيئات الجافة، حيث يمكن أن تكون العتبات الفسيولوجية لضربة الشمس أقل بكثير مما كان يُعتقد سابقًا.
وتحذّر فانوس من أن الاعتقاد بوجود عتبة واحدة للبقاء على قيد الحياة يمكن أن يكون خطيرًا، حيث يختلف التحمّل من شخص لآخر بناءً على عوامل متعددة مثل العمر والصحة العامة.