سلام يكسر جدار الصمت: العفو العام يعود إلى الطاولة... والإنصاف مطلب شعب لا يُهزم
خاص مراسل نيوز

في مشهد سياسي يضج بالجمود والانقسام، تتقدم شخصية هادئة بحجم الوطن: الرئيس نواف سلام، رجل القانون والدبلوماسية، ليرفع صوته حيث خفتت أصوات كثيرة. مصادر سياسية موثوقة كشفت لـ"مراسل نيوز" عن مباحثات رفيعة المستوى يقودها سلام بالتنسيق مع فخامة الرئيس جوزيف عون، لإعادة طرح قانون العفو العام، مع تركيز خاص على ملف الإسلاميين والموقوفين بلا محاكمات.
في زمن التحلل المؤسسي، يخطو الرئيس سلام إلى الواجهة بجرأة رجل دولة يعرف أن العدالة لا تُجزأ، وأن تجاهل السجناء هو نفيٌ صريح لحقوق الإنسان. في الكواليس، يُقال إن الملف بات أولوية في أجندة الرئاسة التنفيذية، وتُدرس الآليات القانونية بصمت لكن بحزم.
رومية تختنق... وسلام يتحرك: هل يكون العفو بداية الخلاص؟
سجن رومية، أكبر سجون لبنان، بات قنبلة إنسانية موقوتة. أكثر من 6300 سجين يعيشون في مساحة لا تتّسع إلا لنصف هذا العدد، ونصفهم تقريبًا موقوفون دون محاكمة. وفي هذه الزنازين، يُدفن الزمن وتُجلد الكرامة.
ما يزيد الوضع تعقيدًا هو ملف الموقوفين الإسلاميين، والذي طالما وُضع في الأدراج المسيسة، واعتُبر لغمًا أمنيًا بدل كونه قضية حقوقية وإنسانية. وهنا، يُحسب للرئيس سلام أنه فتح الملف من زاوية مختلفة: لا من منطلق الترضية الطائفية، بل من منظور وطني جامع يراعي القانون، ويعيد الثقة بالعدالة.
"العدالة ليست مكافأة... إنها حق": سلام يكتب مشهدًا جديدًا في الجمهورية
داخل المكاتب الرسمية، تتبلور خطة عمل دقيقة: لائحة موحدة بالسجناء المشمولين بالعفو، تنطلق من معيار واحد فقط: الحق، لا الانتماء. وتُنسَّق هذه الجهود مع الأجهزة القضائية والأمنية، لضمان عدم تسييس أو استغلال الملف، مع الحفاظ على هيبة الدولة وسيادة القانون.
لكن الأهم، أن هذه المبادرة لا تحمل فقط أبعادًا قانونية، بل تفتح الباب أمام مصالحة وطنية شاملة، طال انتظارها. إنها محاولة لطي صفحة طويلة من الظلم، وإعادة دمج من ظلمتهم السياسات العقابية إلى الحياة العامة.
من قلب الظلم يولد صوت: الشارع يصرخ... والرئاسة تستجيب
خارج السجون، تنتظر آلاف العائلات خبراً يُعيد الأمل. اعتصامات، لافتات، أمهات يحملن صور أبنائهن، وعيون ترنو إلى الدولة علّها تتذكر من نسيتهم خلف الجدران.
"نحن لسنا إرهابيين، نحن مظلومون"... بهذه العبارة لخص أحد أهالي الموقوفين مشاعر آلاف اللبنانيين والسوريين المحكومين بـ"الانتظار الأبدي".
تحرك الرئيس سلام، بحسب مراقبين، هو أول استجابة رسمية فعلية لهذا الوجع الممتد منذ سنوات، ويضع أمام الدولة فرصة تاريخية لإثبات أن العدالة ليست انتقائية، ولا مسيّسة.
قد يكون قرار العفو العام هو القرار الأخطر والأشجع منذ سنوات، لأنه يواجه أعقد ملفات الانقسام اللبناني. لكن الأكيد أن لحظة الحقيقة تقترب. وكل ما يريده هذا الشعب، هو أن تكون الدولة على قدر الكرامة التي سُلبت، والحقوق التي نُسيت.
فهل تشهد الأيام المقبلة ولادة جمهورية جديدة؟
جمهورية لا تنسى أبناءها خلف القضبان... ولا تخشى قول الحقيقة، ولو مرة واحدة.