قصف إسرائيلي عنيف على غزة... وفرار آلاف السكان
فرّ آلاف الفلسطينيين من مدينة غزة الإثنين بعدما اقتحمها الجيش الإسرائيلي بالدبابات، داعياً إلى إخلاء أحياء إضافية، فيما احتدم القتال مع تواصل القصف.
ومع دخول الحرب في قطاع غزة شهرها العاشر إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق على إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، تستمر الجهود الدبلوماسية الرامية إلى التوصل لهدنة، ومن المقرر إجراء محادثات جديدة في هذا الصدد خلال هذا الأسبوع في قطر ومصر، وهما دولتان تؤديان دور الوسيط مع الولايات المتحدة.
على الأرض، تواصلت المعارك في القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمّر. وفي شماله، أفاد شهود عيان والدفاع المدني والمكتب الإعلامي لحكومة حماس أن الدبابات الإسرائيلية اقتحمت العديد من الأحياء في مدينة غزة خلف وابل من القصف من الطائرات الحربية والمسيّرات، ما دفع الآلاف إلى الفرار مجددا.
وشاهدت وكالة "فرانس برس" فلسطينيين يغادرون المكان سيرا على الأقدام وعلى دراجات وعربات تجرها حمير، حاملين أمتعتهم عبر الشوارع المليئة بالركام وتحت أزيز المسيرات.
وهذه ليست المرة الأولى التي يدعو فيها الجيش الإسرائيلي سكان غزة إلى إخلائها.
في 27 حزيران (يونيو)، دعا الجيش إلى إخلاء جزء من شرق القطاع، خصوصا منطقة الشجاعية وحيي التركمان والتفاح.
والأحد في 7 تموز (يوليو)، أمر بإخلاء بعض المناطق المجاورة للشجاعية. والاثنين أمر بإخلاء منطقة أوسع نطاقا تشمل حي الرمال وهو من أكبر أحياء مدينة غزة.
وتبقى مناطق غير مشمولة حاليا بأوامر الإخلاء وهي المنطقة الساحلية التي تضم مخيم الشاطئ والمناطق الجنوبية بما فيها حي الزيتون والمناطق الشمالية بما فيها حي الشيخ رضوان.
ودعا الجيش الإسرائيلي الاثنين السكان للتوجه إلى الجنوب، نحو دير البلح، لكن شهود عيان أفادوا وكالة "فرانس برس" أن النازحين يفضلون التوجه إلى الغرب والشمال.
من جهتها، اعتبرت حماس في بيان أن "تصعيد جيش الاحتلال الصهيوني عدوانه على أحياء مدينة غزة، واستهدافه عشرات الآلاف من السكان المدنيين وإجبارهم على النزوح من بيوتهم تحت وطأة القصف الوحشي هو إمعان في حرب الإبادة المتواصلة ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة منذ أكثر تسعة أشهر".
وأعلن الدفاع المدني في غزة "تلقي بلاغات بوجود عشرات الشهداء والمصابين" مشيرا إلى أن طواقمه لا تستطيع الوصول إليهم "في ظل القصف العنيف"، مشيرا إلى أن "قوات الاحتلال تحاصر عشرات العائلات".
وفي جنوب القطاع، حيث صدرت تحذيرات لسكان في الأيام الأخيرة بوجوب إخلاء مناطقهم، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل عشرات المقاتلين في الشجاعية وأكثر من ثلاثين منهم في رفح واستهدف مواقع إطلاق صواريخ في خان يونس.
وفي 7 أيار (مايو)، شن الجيش الإسرائيلي عملية برية في رفح، المدينة الواقعة عند الحدود مع مصر وُصفت بأنها المرحلة الأخيرة من الحرب ضد الحركة الإسلامية، ما دفع مليون فلسطيني إلى الفرار، وفقا للأمم المتحدة.
الجيش الاسرائيلي
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنّه قصف ليل الإثنين-الثلاثاء "إرهابيين كانوا يستخدمون منشآت مدرسة" تابعة للأونروا في مخيّم النصيرات وسط قطاع غزة "غطاء" لأنشطتهم.
وقال الجيش في بيان إنّه "وبناءً على معلومات استخباراتية وباستخدام ذخيرة دقيقة، ضرب سلاح الجو الإسرائيلي عدداً من الإرهابيين الذين كانوا يقومون بأنشطة إرهابية، مستخدمين مباني مدرسة في منطقة النصيرات غطاء".
من جانبه، قال مصدر في مستشفى العودة بالنصيرات لوكالة "فرانس برس" إنّ المستشفى "استقبل عدداً من الجرحى الذين أصيبوا جرّاء استهداف بوابة مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في المخيّم الجديد بالنصيرات".
ويتّهم الجيش الإسرائيلي كلاً من حماس والجهاد الإسلامي "بانتهاك القانون الدولي بشكل منهجي من خلال استخدامهما مباني مدنية وسكّاناً (في غزة) دروعاً بشرية لشنّ هجمات إرهابية ضدّ دولة إسرائيل".
والسبت، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس سقوط 16 قتيلاً و50 جريحاً في قصف إسرائيلي طال مدرسة تأوي نازحين في النصيرات.
من ناحيته، قال الجيش الإسرائيلي إنّ قواته الجوية استهدفت "العديد من الإرهابيين في منطقة مدرسة الجاعوني" التابعة للأونروا.
وأضاف الجيش في بيان أنّ "هذا الموقع كان يُستخدم كمخبأ وبنية تحتية عملياتية تُنفّذ منه هجمات ضدّ جنود"، مشيراً إلى أنّ "إجراءات عدّة قد اتُخذت للحدّ من خطر إلحاق ضرر بالمدنيين".
تفاقم الأوضاع الانسانية
وحذّرت مسؤولة الشؤون الإنسانية في المجلس النروجي للاجئين ميساء صالح الإثنين لدى عودتها من مهمة ميدانية من أنّ قسماً من المدنيين توجّهوا إلى دير البلح في وسط القطاع حيث الأوضاع الإنسانية تتفاقم.
وقالت إنّ "السؤال الأول الذي يطرح كل صباح هو نفسه: ماذا سنأكل اليوم؟"، وأضافت "خلال فترة تواجدي في دير البلح، لم أرَ شيئا أشبه بمساعدة. إنها تقريبا غير موجودة".