منظومة "أفنجر" الأميركية في سوريا... رسائل إلى إيران أم إلى تركيا؟

منظومة "أفنجر" الأميركية في سوريا... رسائل إلى إيران أم إلى تركيا؟

كشفت أنقرة قبل نحو شهرين عن تسليم واشنطن "وحدات حماية الشعب" الكردية منظومة دفاع جوي متطورة من طراز "أفنجر Avenger". وكانت الولايات المتحدة بدأت إدخال هذه المنظومة إلى سوريا والعراق منذ عامين، لكن الجديد هو ما كشفت عنه وسائل إعلام سورية معارضة بخصوص بدء القوات الأميركية تدريب "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) التي تشكل وحدات حماية الشعب عمودها الفقري، على استخدام هذه المنظومة، الأمر الذي شكّل، بحسب مراقبين، خطوة متطورة استراتيجياً على مسار العلاقة بين واشنطن و"قسد"، ويمكن أن تترتب عليها تداعيات عديدة، لا سيما بخصوص التوتر الأمني مع الميليشيات الإيرانية من جهة، والتوتر السياسي مع أنقرة التي تعتبر "قسد" تنظيماً إرهابياً يهدد أمنها القومي، من جهة أخرى.

وبدأت القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا تدريب "قوات سوريا الديموقراطية" على أنظمة الدفاع الجوي من طراز "أفنجر" لتزويدها بها. وهو تطور ملحوظ يؤكد استمرار المشاركة الأميركية في سوريا، في وقت يبدو أن السياسة الخارجية الأميركية الأوسع نطاقاً تتحول بعيداً عن الشرق الأوسط، بحسب ما ذكر تقرير نشره موقع "تلفزيون سوريا" المعارض الذي يعمل انطلاقاً من اسطنبول في تركيا.

وكان متحدث باسم وزارة الدفاع التركية ذكر في مؤتمر صحافي في 25 حزيران (يونيو) الماضي أن واشنطن أرسلت منظومات الدفاع الجوي "Avenger Stinger" إلى قواعدها في سوريا، وسلمتها إلى القوات الكردية بحجة القتال ضد تنظيم "داعش".

وجددت الوزارة دعوتها واشنطن الى وقف دعم "المقاتلين الأكراد"، وإلى أن تفهم "أن من غير الممكن القتال ضد تنظيم إرهابي بالتعاون مع تنظيم إرهابي آخر"، بحسب ما نقلت قناة "TRT" التركية في ذلك الحين.

وفي شباط (فبراير) 2021 انتشرت أول صورة مسربة لعربة عسكرية أميركية تحمل بطارية صواريخ من نوع "أفنجر" على الطريق السريع بين سوريا والعراق. وذكرت تقارير أميركية لاحقة أن الولايات المتحدة تعتزم نشر هذا الطراز من منظومات الدفاع الجوي في سوريا والعراق.

ومع بدء واشنطن نشر منظومة "أفنجر" في سوريا رجح مراقبون أن يكون الهدف منها حماية القواعد الأميركية من صواريخ الميليشيات الإيرانية، باعتبارها متخصصة في التصدي للطائرات المسيرة من دون طيار، وهي السلاح الذي تستخدمه الميليشيات في استهداف القواعد الأميركية في المنطقة.

غير أن تسليم هذه المنظومة المتطورة إلى "قسد" في هذا التوقيت الذي يشهد توتراً متصاعداً في منطقة شرق الفرات بسبب استئناف الميليشيات الإيرانية استهداف القواعد الأميركية، وكذلك استئناف الطائرات المسيرة التركية استهداف قادة "قسد"، قد يعتبر دليلاً على أن إيران ليست وحدها المعنية بالرسائل الأميركية التي تنطوي عليها خطوة تسليم منظومة "أفنجر" إلى "قسد"، بل أن لتركيا نصيبها من هذه الرسائل كذلك.

ولا شك في أن تركيا التي طالما انتقدت تسليح واشنطن قوات "قسد" باعتبارها امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه واشنطن تنظيماً إرهابياً، سوف ترى تسليم منظومة "أفنجر" خطوة تصعيدية ضد مصالحها ترمي إلى تقييد حريتها في ضرب البنية التحتية لقوات "قسد" وهياكلها القيادية. ولا يستبعد مراقبون أن تؤدي هذه الخطوة إلى تعقيد المسار الدبلوماسي الذي تتبعه أنقرة وواشنطن لتخفيف حدة التوتر بينهما في ظل التوتر العام الذي يخيم على أجواء المنطقة.

وفي المقابل، قد ترى كل من طهران ودمشق وموسكو، أن تسليم المنظومة إلى "قسد" قد يشير بشكل وبآخر إلى وجود نية لدى واشنطن لاستدامة حضورها العسكري في سوريا من دون أن تكون مضطرة إلى الدخول في صدامات جانبية، باعتبار أن "قسد" سوف تتحمل عنها هذا العبء. وقد تتخذ العواصم الثلاث هذه الخطوة ذريعة للتصعيد ضد القوات الأميركية في سوريا قبيل موسم الانتخابات الرئاسية.

وكانت الولايات المتحدة فتحت تحقيقاً في شهر آذار (مارس) من العام الماضي بسبب فشل منظومة "أفنجر" في التصدي لصواريخ أطلقتها الميليشيات الإيرانية على قاعدتها العسكرية في القرية الخضراء أسفرت عن قتل متعاقد أميركي وإصابة آخرين.

وذكر تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" أن نظام الدفاع الجوي الأساسي للقاعدة الجوية للتحالف "لم يكن يعمل بكامل طاقته" عندما وقع الهجوم.

وقال مسؤول أميركي إن نظام الدفاع الصاروخي "أفينجر" ربما واجه مشاكل في الصيانة أثناء الضربة.

وقال البنتاغون ومسؤولون أميركيون آخرون إنهم مترددون في الكشف عن أي ثغرات أو إخفاقات محتملة في نظام الدفاع المتعدد الطبقات خوفاً من إعطاء الأعداء في المنطقة أي ميزة.

نظام "أفنجر"

Avenger أو المنتقم هو نظام دفاع جوي قصير المدى يهدف إلى الدفاع عن المشاة ضد الطائرات من دون طيار وصواريخ كروز والمروحيات والطائرات التي تحلق على ارتفاع منخفض باستخدام قاذفات صواريخ "ستينغر".

يتكون النظام المعروف رسمياً باسم AN/TWQ-1، من برج فيه قاذفتا صواريخ من طراز Stinger يمكن لكل منهما إطلاق أربعة صواريخ في المرة الواحدة، ومدفع رشاش M3P يمكنه إطلاق قذائف عيار 50 كاليبر، ونظام رؤية يتكون من كاميرا تعمل بالأشعة تحت الحمراء، ونظام رؤية بصرية، وجهاز تحديد المدى بالليزر.

يمكن فصل نظام Avenger الكامل واستخدامه من المواضع الثابتة. ومع ذلك، غالباً ما يتم حمله في الجزء الخلفي من عربة هامفي. كما سلمت الولايات المتحدة أوكرانيا نظام الدفاع الجوي هذا لمواجهة تهديدات الطائرات الروسية من دون طيار.