اللجنة الاستشارية لرئيس الجمهورية لا تملك صلاحيات تقريرية ولا تُفسّر الدستور…

اللجنة الاستشارية لرئيس الجمهورية لا تملك صلاحيات تقريرية ولا تُفسّر الدستور…

أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق، القاضي غالب غالب، خلال حديثه لبرنامج "أحداث في حديث" عبر "صوت كل لبنان"، أن اللجنة الاستشارية لرئيس الجمهورية هي لجنة قانونية دستورية ذات طابع استشاري، وليست تقريرية، موضحًا أن دورها يقتصر على تقديم المشورة حول القضايا الدستورية والقانونية التي يطرحها رئيس الجمهورية.

 

شدد القاضي غالب على أن اللجنة غير معنية بتفسير الدستور، وهو أمر منوط بمجلس النواب بحسب الدستور، مشيرًا إلى أن المجلس الدستوري ليس الجهة المخولة بتفسير الدستور، رغم وجود آراء تدعو إلى منحه هذه الصلاحية. وأضاف أن اللجنة تعمل ضمن إطار استشاري بحت، ولا تملك أي صلاحيات تنفيذية أو تقريرية.

وحول آلية عمل اللجنة، أوضح القاضي غالب أنها تعقد اجتماعات دورية في القصر الجمهوري لمناقشة الملفات التي يطلبها رئيس الجمهورية، مشيرًا إلى أن الاستشارات المقدمة قد تبقى سرية بحسب مقتضيات العمل.

 

تناول القاضي غالب المادة 65 من الدستور اللبناني، موضحًا أن مجلس الوزراء يتخذ قراراته بالتوافق أو بالأكثرية، وأن القرارات المرتبطة بتعيين كبار الموظفين تحتاج إلى أغلبية الثلثين. وأكد أن مبدأ التوافق الذي ينص عليه الدستور ليس مجرد تفضيل، بل هو مبدأ دستوري أساسي، مشيرًا إلى أن عدم التوافق يؤدي إلى اللجوء للتصويت، وهو الإجراء الدستوري الطبيعي في النظام الديمقراطي البرلماني.

 

وفيما يخص القرار الأخير بتعيين حاكم مصرف لبنان الجديد، أوضح أن التصويت حسم الأمر بأغلبية 17 صوتًا مقابل 20، مؤكدًا أن العملية تمت وفق الأطر الدستورية، رغم احتمال وجود تداعيات سياسية للقرار.

 

تطرق القاضي غالب إلى ملف التعيينات القضائية، معتبرًا أن التعيينات الأخيرة لرئيس مجلس القضاء الأعلى، رئيس هيئة التفتيش القضائي، ورئيس مجلس شورى الدولة جاءت ضمن معايير جيدة، مشيرًا إلى أهمية استكمال هذه التعيينات لتمكين مجلس القضاء الأعلى من أداء دوره بفعالية.

وشدد على ضرورة إتمام التشكيلات القضائية في أسرع وقت ممكن، معتبرًا أن التأخير في إقرارها يعرقل عمل العدالة والاقتصاد والاستثمار في البلاد. وأكد أن التشكيلات يجب أن تتم وفق معايير مهنية بعيدًا عن التدخلات السياسية، مطالبًا بفصل القضاء عن السياسة لضمان استقلاليته.

 

وفيما يتعلق بمشروع قانون استقلالية القضاء، أشار القاضي غالب إلى أن المشروع المطروح أمام لجنة الإدارة والعدل لا يزال يواجه بعض الإشكاليات، رغم إدخال تعديلات عليه. وأوضح أن إحدى النقاط المثيرة للجدل تتعلق بآلية انتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى، حيث يُقترح أن ينتخب كل الجسم القضائي أعضائه، بينما يرى القاضي غالب أن كل فئة قضائية يجب أن تنتخب ممثليها لضمان التمثيل العادل.

 

وأكد أن القانون، رغم التحسينات التي طرأت عليه، لا يزال بحاجة إلى مراجعة دقيقة، مشيرًا إلى أن استقلال القضاء لا يتحقق فقط عبر التشريعات، بل من خلال تعزيز كفاءة القضاة وضمان عدم تسييسهم.

 

اختتم القاضي غالب حديثه بالتأكيد على أن القضاء المستقل هو الركيزة الأساسية لضمان حسن سير العدالة في لبنان، مشددًا على أهمية إقرار التشكيلات القضائية وفق أسس مهنية، وإجراء التعديلات اللازمة على قانون استقلالية القضاء لضمان تطبيقه بطريقة فعالة. كما دعا إلى تحييد القضاء عن التجاذبات السياسية، معتبرًا أن استقلال القضاء هو المدخل الحقيقي للإصلاح القضائي وتحقيق العدالة في البلاد.