إيجابيات عاجلة لاحتضان السعودية سلام

الدعوة السعودية لرئيس الحكومة نواف سلام للمشاركة في صلاة عيد الفطر الى جانب ولي العهد محمد بن سلمان بدلت من الوجهة السياسية التي اخذتها وقائع الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء والتي تم خلالها تعيين كريم سعيد حاكما للمصرف المركزي.
الاحتضان السعودي الذي بدا طبيعيا ومهما لا سيما بعد رعاية المملكة للقاء بين وزيري الدفاع اللبناني والسوري من اجل بحث الشؤون الحدودية العالقة بين البلدين اظهر في شكل اساسي ان المملكة تعلن بالمباشر انها هي الراعية العربية المفوضة دوليا لورشة تقوية الدولة في لبنان.
وكانت الولايات المتحدة وفرنسا ومنذ 2017 دفعتا بقوة في هذا الاتجاه منذ أوفدتا سفيرتيهما انذاك دوروثي شيا وآن غريو الى الرياض للعمل على تامين اعادة الانخراط السعودي سياسيا في لبنان من دون نتيجة تذكر انذاك.
ولكن مع تغير الظروف جذريا في لبنان والمنطقة بدأت المملكة تظهرهذا الانخراط فكانت مساهمتها فاعلة وقوية في الاستحقاقات الدستورية الاخيرة ولا سيما انتخاب رئيس للجمهورية . الاحتضان السعودي لنواف سلام عبر عن الدعم لرئاسة الحكومة التي خشي كثر من انها منيت بنكسة في الكباش الذي حصل حول شخص سعيد لحاكمية المصرف المركزي لم يكن يجب ان يحصل في الاساس لا سيما عشية توجه رئيس الجمهورية العماد جوزف عون الى باريس في اول زيارة له الى دولة غربية.
المملكة السعودية التي كانت اول من استقبل الرئيس عون واحتضنت انتخابه وساهمت في الدفع به اظهرت باستقبال سلام في هذا التوقيت وبالطريقة التي تمت دعوته الى السعودية عن دعمها له وعدم التخلي عنه ورغبتها وفق مصادر عليمة في ضرورة التفاهم بين رئيسي الجمهورية والحكومة.
فالمقدمات التي حصلت تقود بالاستنتاج الى هذه النتيجة فيما ان العاصمة السعودية لم تعد تعول على مرجعية للسنة تحاول ان تؤكد نفسها على هذا الصعيد وهذا زمن مضى يعتبرون انه انتهى برحيل الرئيس رفيق الحريري ، وحتى انهم اوصوا الرئيس عون حين زار الرياض بمسؤوليته عن كل الطوائف ولا سيما عن الطائفة السنية.
وتاليا تتوقع هذه المصادر ان يتراجع التوتر الذي غلب على العلاقة بين الرئاستين الاولى والثالثة باصرار الرئيس عون على تعيين كريم سعيد حاكما للمصرف المركزي ورفض الرئيس نواف سلام التصويت له ورد ذلك الى اسباب ابرزها " حرصه على حماية حقوق المودعين والحفاظ على أصول الدولة ". فهذا اثار حذرا كبيرا على مستوى الرأي العام اذا كان تعيين سعيد يشكل انتصارا للمصارف التي ترفض تحمل المسؤولية وتحمل الدولة وحدها مسؤولية الانهيار ، والقى بظلال ازاء حقيقة موقف رئيس الجمهورية الذي كان اثار ارتياحا في ما تحدث عنه في خطاب القسم عن حماية اموال المودعين.
وكان يفضل سياسيون حتى من اصدقاء الرئيس سلام لو اعتمد مقاربة مختلفة لادارته ملف تعيين حاكم المصرف المركزي لا سيما في هذا الوقت المبكر من عهد الرئيس عون وفي ضوء ادراكه المسبق مواقف الاحزاب المشاركة في الحكومة التي لم تجاره في معارضته لهذا التعيين لا سيما ان الرئيس عون لم ينه بعد الاشهر الثلاثة الاولى من ولايته نظرا للانعكاسات الخطيرة التي يمكن ان تترتب على مسار نهوض الدولة . ومن غير المتوقع ان يسمح اقله في هذه المرحلة بكباش يلقي بظلال سلبية على رئاسة الجمهورية الممتدة لست سنوات فيما ان ولاية هذه الحكومة قصيرة تمتد مبدئيا حتى موعد الانتخابات النيابية السنة المقبلة.
وما حصل تفاعلت ارتداداته على الصعيد السياسي في حسابات الربح والخسارة المعهودين في الواقع السياسي الداخلي فيما خلف ما حصل قلقا من تأثير ذلك على رئيس الحكومة وعلى العلاقة بينه وبين رئيس الجمهورية كما خلف التعيين علامات استفهام كثيرة ازاء مبررات دعم سعيد وازاء مبررات رفضه كذلك. وهذا يحتاج الى ايضاح مبكر يتولاه الجميع بدءا من الحاكم الجديد المعين والمرجح ان يقوم به بعد ادائه القسم امام رئيس الجمهورية علما ان ثمة وجهات نظر تفيد بان ثمة ضوابط كبيرة امام الحاكم الجديد تبدأ من الداخل وعدم امكان تكرار اختباء الدولة وراء الحاكم في مقاربة السياسة المالية للدولة او ترك ادارته من دون رقابة السلطة السياسية ولا سيما في ظل وعي اللبنانيين على نحو اكبر لحقوقهم وعدم التهاون ازاءها ، ولا تنتهي باكثر من جهة في الخارج تراقب بعين ثاقبة كل مجريات قيادة مرحلة النهوض.