الدويهي يصرخ على الأشجار... ليسمع صدى اسمه!
خاص مراسل نيوز

في بلد تُقتلع فيه الكرامات يوميًا، قرر النائب ميشال دويهي أن يفتح معركة "بيئية" في بصرما، لا للدفاع عن الأرض ولا عن الناس، بل ليُعيد صدى اسمه في ساحة سياسية لم يسمع له فيها أحد منذ زمن.
نائب "التغيير" الذي لم يقدّم مشروعًا واحدًا يخدم منطقته، وجد في بصرما منصّة جاهزة للصراخ. آلاف الأشجار؟ صرخ. تدمير بيئة؟ صرخ. تغطية سياسية؟ صرخ. لكنه نسي أن الرأي العام لم يعد ساذجًا. بات يعرف جيدًا الفرق بين من يعمل بصمت، ومن يقتات على الضجيج.
الدويهي لا يدافع عن الأرض... بل عن حضوره الشخصي.
هو لا يطرح بديلاً، ولا يقدم حلاً، ولا يضع خطة إنقاذ بيئي. كل ما فعله حتى اللحظة هو حملة غوغائية على منصة "إكس"، وتحريض على مشروع تم توقيعه وفق القانون، وبعلم وموافقة من الجهات المالكة والرسمية.
الغريب أن النائب نفسه لم يحرك ساكنًا في وجه مشاريع أكثر تدميرًا للبيئة في مناطق أخرى، ولا رفع الصوت أمام الكارثة البيئية التي تضرب نهر الليطاني، ولا زار مكبّات النفايات التي تخنق الشمال. كل هذه القضايا لا تُثير حماسته، لكنها بصرما تفجّر وجدانه "البيئي".
فهل هي الأرض التي تستحق؟ أم هو الموقع الذي يخدم؟
وإذا كانت البيئة هي القضية، فلماذا لم يطلب دويهي إجراء دراسة علمية محايدة حول المشروع؟ لماذا لم يجتمع بأبناء المنطقة بدل أن يحرّضهم من بعيد؟ لماذا لم يعرض مشروعًا زراعيًا بديلاً، أو خطة حماية جدّية؟ الجواب واضح: الضجيج أسهل من الحلول.
بل الأسوأ من ذلك، أن يهاجم الرهبانية اللبنانية المارونية وكأنها خصم سياسي، بينما يعلم جيدًا أنها الطرف المالِك الذي لم يفرض شيئًا بل وقّع عقدًا قانونيًا. هذا الهجوم ليس فقط خارج السياق، بل هو اعتداء مكشوف على مؤسسة دينية عمرها مئات السنين، في لحظة دقيقة وحرجة على المستوى الوطني.
فمن يخدم الدويهي فعلًا؟ الناس؟ أم طموحًا سياسياً شخصياً يبحث عن نار صغيرة ليكبّرها ويصير فوقها؟
الناس في بصرما لا يحتاجون لمن يتحدث باسمهم في الإعلام، بل لمن يعمل معهم على الأرض. المشروع قابل للنقاش، للتعديل، للتقييم... لكنه لا يحتاج إلى أبواق توزّع الاتهامات مجانًا وتختفي حين يهدأ الغبار.
البيئة لا تُحمى بالصوت العالي. تُحمى بالقوانين، بالتوازن، بالعلم، وبالنية الصافية. ومن يصرخ ليُسمع اسمه فقط، يكون قد خانه المبدأ قبل أن يخون الأرض.