طوني فرنجية يخلع التاج عن رؤوس الموارنة: الزعامة لمن يملك الجرأة لا الصدى

خاص مراسل نيوز

طوني فرنجية يخلع التاج عن رؤوس الموارنة: الزعامة لمن يملك الجرأة لا الصدى

في مشهد سياسي متخم بالشعارات والمزايدات، برز النائب طوني فرنجية من على شاشة الـLBCI كرجل دولة بكل ما للكلمة من معنى، ليقدّم خطاباً غير تقليدي، ينسف الخطابات المارونية المتأزمة، ويفرض منطق الدولة على منطق الاصطفاف. مداخلته في "حوار المرحلة" لم تكن مجرد تصريح إعلامي، بل جاءت كـ"لحظة مفصلية" تعيد تموضع الدور المسيحي – لا كطرف، بل كضامن جامع ومؤتمن على وحدة البلاد. فرنجية، بشجاعته الهادئة ونبرته الصادقة، بدا وكأنه يُعلن نهاية مرحلة من الزعامات التي احترفت التحريض، ليقدّم نفسه بديلاً جدياً لكل من صنع زعامته من الصخب، أو على وقع التحالفات الإقليمية المتقلبة.

 

في إطلالته، رفض فرنجية بوضوح "حرب الإسناد" وما جرّته من ويلات على الجنوب والطائفة الشيعية، في موقف لا يُحسب عليه بل له، لأنه قال ما يهمس به كثيرون، ورفض أن يُضحى بلبنان مرة أخرى. هذه ليست مراوغة، بل موقف رجل يدرك أن لا دولة من دون سلام داخلي، ولا قيامة للبنان في ظل حروب الآخرين. وبين سطور كلامه، وُجهت رسالة قاسية لكنها ناعمة: الزعامة لا تُقاس بالصراخ، ولا بالخطوط الحمراء المصطنعة، بل بالقدرة على المصارحة، وتحمل الكلفة الأخلاقية قبل السياسية.

 

ثقته برئيس الجمهورية جاءت محمّلة برؤية: دعم عقلاني، لا تبعية، ودفاع عن الدولة ومؤسساتها، لا شخصنة للمواقف. كذلك، لم يتردد في الإشارة إلى "تمييز" في زيارة الموفد الأميركي لرئيس حزب القوات، في تلميح دقيق إلى نفاق دولي في التعاطي مع الشأن اللبناني، وازدواجية المعايير الغربية في اختيار شركائها. وهنا، فرنجية لا يتحدث من موقع النكاية، بل من موقع من يعرف قواعد اللعبة ويريد تغييرها من داخلها، بإتقان لاعب شطرنج سياسي لا مقاتل شعاراتي.

 

ختام مداخلته كان بمثابة مانيفستو المرحلة المقبلة: لا تصعيد، لا عنتريات، لا شعبوية. فقط عقل بارد، وخطاب جامع، وجرأة مسؤولة. بهذه الثلاثية، لم يطرح طوني فرنجية نفسه زعيماً مارونياً جديداً فحسب، بل مرشحاً طبيعياً لقيادة وطن في أزمة. وبلا مبالغة، استطاع أن يقول ما لم يجرؤ عليه سواه، وأن يعيد تعريف معنى أن تكون "زعيم مسيحي" في جمهورية منهكة تبحث عن رجالاتها الحقيقيين. هو لم يصرخ كجعجع، لم يناور كباسيل، ولم يتجمّل كجميل. قالها كما هي... فهزّ بها الصمت.

 

هذا الخطاب، إن أحسن تسويقه وتطويره، لن يكون مجرد تصريح عابر، بل لحظة تحوّل في المشهد الماروني والوطني على حد سواء. هو بداية مشروع سياسي بديل... لا يشبه أحداً.