من أجل لبنان... الوحدة خلف الدولة واجب لا خيار
بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

لبنان اليوم ليس أمام ملف تفاوضي عادي، بل أمام اختبار وطني شامل يتعلّق بمستقبل الدولة، بدورها، بسلاحها، بحدودها، وبعلاقتها مع الإقليم والعالم. الورقة التي سلّمها الموفد الأميركي توم برّاك، والردّ اللبناني عليها، ليسا مجرّد تفاصيل تقنية، بل محطّة في سياق إقليمي كبير، قد يفتح نافذة جديدة أمام لبنان إذا أُديرت بحكمة ووحدة وطنية.
في مثل هذه اللحظات، ليس مسموحًا للانقسام الداخلي أن يطغى على صوت الدولة. بل المطلوب أن تتقدّم الأحزاب اللبنانية والكتل النيابية، بتنوّعها السياسي، لتقف خلف المؤسسات، خلف رئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة، ومجلس الوزراء، في تناغم وطني يُشكّل شبكة أمان سياسية وسيادية.
لسنا هنا للدفاع عن شخص أو حكومة، بل عن فكرة الدولة نفسها. فدعم الحكومة ورئيس الجمهورية في هذه المرحلة لا يعني تبني كل قرار، بل يعني دعم خيار الدولة في مواجهة التحديات الكبرى. وهذا ليس ترفًا سياسيًا، بل مسؤولية وطنية تفرضها دقة المرحلة.
إن بعض الأصوات التي ترتفع اليوم منتقدة طريقة إدارة الملف قد تكون محقة في رغبتها بتوسيع النقاش، لكن المطلوب ألا يتحوّل الخلاف إلى انقسام، وألا يُستخدم ملف بهذا الحجم لتسجيل النقاط أو كسب الشعبية. السيادة لا تُجزّأ، ولا تُحمى بالصوت المرتفع، بل بالموقف الموحد.
ما يُطرح اليوم هو مستقبل دور "حزب الله"، مستقبل القرار الأمني اللبناني، وحدود الدولة، ومنطقها. وفي هذا الإطار، لا يمكن تحميل طرف واحد المسؤولية. الجميع معني. الجميع مدعو. والجميع مسؤول.
إننا نوجّه نداءً صريحًا وواضحًا إلى كل القوى السياسية:
> قفوا خلف الدولة. ادعموا الحكومة. قوّوا موقف رئيس الجمهورية. وافتحوا الباب لموقف لبناني جامع يخرج من مجلس الوزراء إلى العالم، لا من الزواريب السياسية.
لبنان، في أعين العالم، ما زال لؤلؤة المتوسط كما وصفه الموفد الأميركي. لكنه لن يبقى كذلك ما لم يتّحد الداخل، ويعلو صوت الدولة فوق كل اعتبار. التاريخ يُكتب الآن، فلنختر أن نكون فيه موحّدين، وفاعلين، لا متفرجين.