برّي... باي باي؟ واشنطن تكسر جدار الصمت: عقوبات على "عرّاب النظام" اللبناني قريبًا؟

بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

برّي... باي باي؟ واشنطن تكسر جدار الصمت: عقوبات على "عرّاب النظام" اللبناني قريبًا؟

هل انتهت "المرحلة البرّية" من الحياة السياسية اللبنانية؟ سؤال لم يعد رفاهية تحليلية بل مؤشراً جدياً على عاصفة قد تهبّ على أحد أعمدة الطبقة السياسية في لبنان. فالمقال الأخير الذي نشره جون سميث، المدير السابق لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) في وزارة الخزانة الأميركية، على منصة "American Thinker"، قلب الطاولة، وكسر جدار الصمت الأميركي إزاء رئيس مجلس النواب نبيه برّي.

 

"ثلاثة عقود من الرئاسة... ليست حالة، بل فضيحة"، بهذه الكلمات الصادمة افتتح سميث مقاله الناري، الذي سرعان ما دوّى صداه في الأوساط السياسية اللبنانية والدبلوماسية الغربية.

 

سميث، الذي لا يتحدث من موقع أكاديمي بل من قلب ماكينة العقوبات الأميركية، وجّه اتهامات غير مسبوقة لرئيس مجلس النواب اللبناني، أبرزها:

 

مسؤوليته المباشرة عن الانهيار الاقتصادي الشامل في لبنان؛

 

عرقلته المستمرة لمسارات الإصلاح وصندوق النقد؛

 

بناء منظومة سياسية واقتصادية عبر "شراء الولاء السياسي" بتوزيع الوظائف والعقود العامة؛

 

والأخطر: تحالفه العضوي مع حزب الله وإيران، ما يجعله – بحسب المقال – عائقاً أميركياً استراتيجياً أمام تعافي الدولة.

 

 

المقال لم يكن مجرد تحليل، بل كشف عن نية صريحة داخل دوائر القرار الأميركي لفرض عقوبات على برّي، تمتد إلى أسرته ومساعديه، في خطوة ستكون – إن نُفّذت – ضربة مدوية للهيكل السياسي اللبناني.

 

في عرف واشنطن، برّي لم يعد مجرد رئيس مجلس نواب، بل صار بمثابة عرّاب النظام القائم منذ اتفاق الطائف حتى اليوم. هو الرجل الذي أتقن فن البقاء، وراكم نفوذه عبر دهاليز الطوائف والصفقات، وتكريس منطق المحاصصة بوجه كل صيغة تحديث.

 

لكن يبدو أن واشنطن حسمت أمرها: لا إصلاح في لبنان بوجود نبيه برّي. لا تفاوض مع صندوق النقد إذا بقيت دارة المصيلح تحكم من خلف الستار. ولا مستقبل لمؤسسات الدولة طالما تحكمها التفاهمات مع "حزب الله"

 

الولايات المتحدة لا تُرسل رسائل عبثية. ومقال سميث ليس اجتهاداً فردياً بقدر ما هو تسريب سياسي مقصود يمهّد لمرحلة جديدة من الضغوط، قوامها: "يا برّي، إما أن تنسحب بهدوء... أو نُسقطك بعقوبات تُفكّك منظومتك حجراً حجراً."

 

"برّي باي باي"... عنوان المرحلة؟

 

السؤال الذي يطرحه كل لبناني الآن:

هل يتحول نبيه برّي من رجل التوافقات إلى كبش فداء المرحلة المقبلة؟

هل دخل لبنان فعلاً مرحلة تصفية الرؤوس لتُعاد صياغة السلطة؟

وهل باتت واشنطن ترى أن بقاء برّي يعني بقاء العفن السياسي، لا الدولة؟

 

الجواب في الأيام المقبلة. لكن الأكيد أن مقال سميث أحدث زلزالاً سياسياً صامتاً، قد يسبق "الانفجار الكبير".

 

لبنان يعيش اليوم واحدة من أكثر لحظاته هشاشة... وأشدّها قابلية للتغيير.

وإذا صحّت التوقعات، فإننا على أعتاب نهاية مرحلة وبدء أخرى.

فهل يُكتب في التاريخ القريب:

"سقط نبيه برّي... فتغيّر وجه لبنان"؟

 

الوقت وحده يملك الإجابة... ولكن الساعة الأميركية بدأت تدق.