الحكومة:ضرائب..بلا رواتب!

بقلم مراسل نيوز

الحكومة:ضرائب..بلا رواتب!

كيف تتعاطى حكومة تصريف الأعمال مع شؤون البلد والناس؟ وإذا كانت – على المستوى الوطني – معذورة وعاجزة عن مقاربة القرارات المصيريّة الكبرى مثل الحرب والسلم، وأمن الحدود مع العدوّ الإسرائيلي، ومشكلة التهريب واللاجئين مع الشقيق السوري، أو بسط السيادة الوطنية على البرّ والبحر والجوّ بما فيه فرض تنفيذ القرار الدولي 1701 كممرّ إجباري لأيّة حلول مستدامة..فلماذا تتجاهل الأوضاع الداخليّة واليوميّة للناس من طرقات ودوائر رسميّة وكهرباء وماء، ورواتب موظفين ومتقاعدين التي باتت لا تكفي مجرّد الإشتراك الشهري لأصحاب مافيا المولّدات في طرابلس وفي غير طرابلس؟

بالأمس غير البعيد أقرّ المجلس النيابي، رغم التخفيضات الكبيرة التي فرضتها لجنة المال النيابيّة، سلسلة من الضرائب تكاد تطال الهواء الذي يتنفّسه المواطنون (مع مفعول رجعي في بعض المواد القانونيّة)، إلى حدّ إجماع جميع الخبراء الإقتصاديين على أنّ موازنة 2024 المقدّمة من الحكومة العتيدة تستحقّ بامتياز تسمية "ميزانية الضرائب" ليس إلّا. وفي العلم الإقتصادي الحديث تقول معظم النظريّات ما معناه "مزيد من الضرائب يعني مزيداً من الإنكماش في النموّ الإقتصادي"!

بالأمس القريب، موظّفو الإدارة العامة أعلنوا الإضراب عن العمل، القصر الحفالمعاش مع الرواتب الستّة أو السبعة المستحدثة لا تسدّ رمق جوعان.كذلك فعل العسكريون المتقاعدون الذين نزلوا الى الشارع في "صرخة غضب" من وضع لا يُطاق، ومن سلطة تتعاطى معهم كأنّهم يعيشون في كوكب آخر، حيث تأخذ منهم رسوم الهاتف (النت ضعيف ومتقطّع بأغلى الأسعار) والكهرباء (ساعات قليلة من الكهرباء) على سعر دولار السوق، عدا الإرتفاع الجنوني في الأسعار دون أيّ رقابة من وزير الإقتصار الذي باتت همومه محصورة بين الدخول إلى القصر الحكومي، وبين خروج مدير مكتبه من ورطة الفساد المتّهم بها بالأدلّة المدموغة بالشراكة مع شقيقه الميمون..فيما رواتبهم لا تزال على سعر 1500، وكأنّ التضخّم المهول الحاصل في البلد لا يطالهم أو يمسّ سعيهم اليومي للعيش الكريم الذي يليق بمن أفنى عمره، عسكرياً أو معلّماً أو موظّفاً في خدمة بلده، وبات في خريف العمر "على الأرض يا حكم" كما يقال!

ماذا فعلت حكومة نجيب ميقاتي الذي ضاق ذرعاً بالحكم كما يقول (إنتخبوا رئيساً وحلّوا عنّا)، بينما هو في واقع الحال يقدّم أوراق اعتماده للعهد الجديد بالتنازل الرسمي عن "هامش الدولة" لمصلحة صاحب الحلّ والربط، حزب الله؟

لقد دعا الى جلسة وزاريّة، لم تتضمّن في جدول أعمالها الموزّع الى الوزراء أيّ بند خاصّ بالنظر في إضراب الموظفين وفي صراخ المتقاعدين:حتى في سوريا المنهارة (جوع وفقر وتشرّد واحتلالات وغارات شبه يوميّة) لجأ الرئيس بشار الأسد الى زيادة الرواتب بنسبة 50 في المئة.صحيح أنّها زيادة لا تغيّر شيئاً في الواقع السوري المزري، إلّا أنّه قد "فعل شيئاً" على الأقل:فلماذا لا يبادر الرئيس ميقاتي الى النظر سريعاً في أحوال اللبنانيين، علماً بأنّه يدّعي أنّ العجز في الميزانية صفر، وأنّ مؤشّر النموّ الإقتصادي في البلد قد سجّل ارتفاعاً محدوداً..فإذا كان كلامه صحيحاً، وليس مجرّد بالونات برسم البنك الدولي أو الجهات المانحة، ماذا ينتظر حتّى يوازن ما أمكن بين مداخيل اللبناني وبين الضرائب المفروضة من كلّ حدب وصوب؟