من تايوان إلى المجر... غموض يلف مصدر أجهزة الاتصال المستهدفة في لبنان

من تايوان إلى المجر... غموض يلف مصدر أجهزة الاتصال المستهدفة في لبنان

يلف الغموض الموقع الذي شهد تجميع أجهزة اتصال يستخدمها حزب الله انفجرت أمس الثلاثاء في مناطق لبنانية مختلفة وأوقعت اثني عشر قتيلا على الأقل وآلاف الجرحى، في ظل نفي شركتين من تايوان والمجر ورد اسماهما في القضية أي مسؤولية عن تصنيعها.

 

وغداة هجوم غير مسبوق استهدف نظاما راديويا لتبادل الرسائل (pagers) يستخدمه حزب الله الشيعي اللبناني المؤيد لإيران، حامت الشبهات حول مسؤولية شركة تايوانية عن تصنيع هذه الأجهزة.

 

لكن مجموعة "غولد أبولو" Gold Apollo التي تظهر علامتها التجارية على الأجهزة، نفت أي مسؤولية في التصنيع، قائلة إن شركة "بي إيه سي" BAC المجرية المتعاونة معها هي التي صنعت هذه الأجهزة المستهدفة.

 

وأوضحت "غولد أبولو" في بيان أنه "بموجب اتفاقية تعاون، نسمح لشركة (بي إيه سي) باستخدام علامتنا التجارية لبيع المنتجات في مناطق معينة، ولكن تصميم المنتجات وتصنيعها يقعان حصرا على عاتق (بي إيه سي" التي تتخذ مقرا في العاصمة المجرية بودابست.

 

وبعد ساعات قليلة، تعمّق الغموض في المسألة مع إصدار السلطات المجرية بدورها نفيا.

 

وكتب الناطق باسم الحكومة المجرية زولتان كوفاكس على منصة "إكس" أن هذه الشركة "وسيط تجاري بدون موقع إنتاج أو عمليات في المجر".

 

وأشار إلى أن "الأجهزة المعنية لم توجد يوما على الأراضي المجرية"، و"هذه المسألة لا تطرح أي خطر على الأمن القومي".

 

موظفة وحيدة 

كذلك، نفت رئيسة الشركة كريستيانا بارسوني أرسيدياكونو في مقابلة مع قناة "ان بي سي" الأميركية، أي دور للمجموعة المجرية في تصنيع أجهزة الاتصال، رغم تأكيد التعاون مع "غولد أبولو".

 

وقالت عبر الهاتف: "أنا لا أصنّع هذه الأجهزة، بل يقتصر دوري على الوساطة. أنتم على خطأ".

 

وتأسست شركة "بي إيه سي كونسلتينغ" BAC Consulting عام 2022، وهي مسجلة في بودابست، ويقع مقرها في مبنى من طبقتين على مشارف العاصمة، وهي تابعة لشركة توفر عناوين تجارية، بحسب امرأة كانت حاضرة في المقر صباح الأربعاء.

 

ويبدو أن بارسوني أركيدياكونو هي الموظفة الوحيدة في الشركة، بحسب وثائق قانونية تُظهر أيضا أن مبيعاتها السنوية تبلغ 210 مليون فورنت (592 ألف دولار) مع أرباح تناهز 50 ألف دولار.

 

وتقول "بي إيه سي" على موقعها الإلكتروني الذي لم يعد موجودا على الشبكة لكنّ وكالة "فرانس برس" تمكنت من الاطلاع على نسخة مؤرشفة منه، إنها "تعمل على المستوى الدولي كعنصر فاعل للتغيير من خلال شبكة من المستشارين".

 

وتقدّم رئيسة الشركة نفسها على أنها "مستشارة استراتيجية للمنظمات الدولية".

 

تحقيق في تايوان 

وفي تايوان، نفت مجموعة "غولد أبولو" معلومات أوردتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تفيد بأنها قامت بنفسها بتصنيع أجهزة الـpagers من طراز "إيه آر 924" وبيعها لحزب الله.

 

وشددت على أن "شركتنا توفّر فقط ترخيص العلامة التجارية ولا تشارك في تصميم هذا المنتج أو تصنيعه".

 

وقال مدير الشركة هسو تشين-كوانغ للصحافيين في تايبيه في وقت سابق اليوم: "هذه ليست منتجاتنا... من البداية إلى النهاية".

 

بدورها، أعلنت النيابة العامة التايوانية فتح تحقيق في الموضوع. وقالت في بيان: "أوكلنا الأمر إلى المدعي العام التابع لفريق الأمن القومي... سنوضح الحقائق في أسرع وقت وإذا وجدنا أي اجراءات غير قانونية ستتم معاقبتها بشدّة وفقا للقانون".

 

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" نقلا عن مسؤولين أميركيين ومسؤولين آخرين أن المخابرات الإسرائيلية تمكنت من اعتراض أجهزة الـpagers قبل وصولها إلى لبنان، وأخفت كميات صغيرة من المتفجرات وجهاز تفجير بجوار البطارية.

 

مع ذلك، وفق الصحيفة الأميركية، تسببت رسالة يبدو أنها وردت من قيادة حزب الله في إطلاق الجهاز صفيرا لثوانٍ الثلاثاء قبل الانفجار.

 

وتتماشى هذه المعلومات مع نظرية طرحها الثلاثاء خبراء رجحوا أن تكون الاستخبارات الإسرائيلية قد نجحت في اختراق السلسلة اللوجستية لحزب الله للتخطيط لهذا الهجوم.

 

وغداة انفجارات الـpagers، انفجر عدد من أجهزة الاتصال اللاسلكية في الضاحية الجنوبية لبيروت الأربعاء تزامنا مع تشييع عناصر من حزب الله قتلوا في اليوم السابق. وقد أدت الانفجارات الجديدة إلى مقتل تسعة أشخاص وإصابة أكثر من 300 بجروح وفق وزارة الصحة اللبنانية.

 

ومنذ بدء الصراع في قطاع غزة، والذي اندلع إثر هجوم غير مسبوق شنته حماس على الأراضي الإسرائيلية في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، يتبادل حزب الله والجيش الإسرائيلي إطلاق النار بشكل شبه يومي على الحدود الإسرائيلية اللبنانية.