حزن غرب الجزائر إثر غرق 15 مهاجراً سرياً

حزن غرب الجزائر إثر غرق 15 مهاجراً سرياً

انتهت أعمال البحث عن مهاجرين سريين جزائريين بالعثور على 15 جثة لفظها البحر على بعد أميال قليلة من شاطئ مدينة صغيرة تقع غرب عاصمة البلاد، وذلك بعد أسبوع من استخدام قارب تقليدي في رحلتهم، على أمل أن يصل بهم إلى أقرب جزيرة إسبانية في مياه البحر الأبيض المتوسط.

تعيش عائلات بحي عين البنيان بالضاحية الغربية للعاصمة حزناً عميقاً منذ أن بلغها، الجمعة، خبر هلاك أبنائهم غرقاً، واكتشاف جثثهم تطفو فوق البحر، غير بعيد عن المدينة، وتحديداً في مياه رايس حميدو. كما تظل عائلات 5 مهاجرين آخرين مفقودين في حيرة بسبب عدم ظهور أي جديد عنهم منذ ليل 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تاريخ انطلاق مغامرتهم التي كانت محفوفة بالمخاطر.

وأكد عبد القادر، شقيق كريم أحد ضحايا الحادث المأساوي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «تحريات خفر السواحل الجزائري حول الحادثة بينت أن أخي الأصغر ضمن عداد الموتى، وتسلمنا جثته لدفنه». مبرزاً أن «كريم لم يخبرنا بأنه سيركب البحر... فعلها سراً، لكن ما لفت انتباهي أنه كان كثير الشكوى من حالته الاجتماعية في المدة الأخيرة. فهو عاطل عن العمل بينما اقترب من الثلاثين». مؤكداً أن تحريات حرس الشواطئ أفادت بأن الحادث المأساوي «وقع بسبب انقلاب القارب بعد نحو ساعة من انطلاقه، وكانت المياه متلاطمة في ليلة السفر».

ومن بين الناجين من الحادث، محمد، وهو رجل في الأربعين من عمره، عامل يقيم في بلدية رايس حميدو. هذا الأب كان موجوداً في هذه الرحلة الخطيرة بصحبة زوجته وابنتيه البالغتين من العمر 6 سنوات، و8 سنوات. لكن حلمهم تحول إلى كابوس، بعد أن لقيت زوجته وابنته الصغرى حتفهما في المياه المتجمدة وتم العثور على جثتيهما. بينما نجا هو وابنته الكبرى من هذه المأساة المروعة. واليوم يصفه أقرباؤه بأنه رجل «مصدوم يعاني من صعوبة في سرد الفزع الذي مر به».

الناجي الآخر، مصطفى في الـ35 من عمره، وهو بائع متجول للخضراوات والفواكه، مقيم في عين بنيان، يقول عنه أبناء حيه إنه يعيل عائلة من 7 أفراد، وإن مدخول تجارته لم يكن يغطي تكاليف العيش، خصوصاً أن فردين من الأسرة مريضان، وعلاجهما يستنزف النصيب الأكبر من مورده المالي. كما نجا شاب من هلاك محقق، ينتمي لمعتقلي الحراك الشعبي المعارض للحكومة سابقاً، نقل عنه أصدقاؤه أنه اختار الهجرة لأنه «كان يشعر بالاختناق في بلاده».

وتتمثل دوافع هؤلاء المهاجرين المغامرين اليائسين في واقع اقتصادي واجتماعي مقلق: بطالة مستشرية، وجاذبية أوروبا التي يرونها كجنة، خاصة في ظل انسداد الآفاق في وطنهم، وهو ما يدفع سنوياً آلاف الشباب الجزائريين نحو عبور البحر، لكن الثمن غالباً ما يكون فقدان حياتهم، تاركين خلفهم عائلات في حالة من الضياع وسيل من الأسئلة.

وجاء في تقارير نشرتها صحف إسبانية أن حرس السواحل الإسباني، أنقذ خلال الشهر الماضي، في عشرات التدخلات الميدانية، نحو 270 مهاجراً سرياً جزائرياً، تعطلت قواربهم أو انجرفت في أعالي البحار قبالة سواحل جزر البليار، أو مقاطعات أليكانتي وألميرايا ومورسيا في جنوب شرقي إسبانيا.

في سياق متصل، أعلنت الشرطة بمحافظة مستغانم (غرب)، المطلة على البحر، في بيان السبت، أنها عطلت «شبكة إجرامية تنشط في تنظيم رحلات هجرة غير شرعية عبر البحر»، موضحة أنها اعتقلت 10 أشخاص أعضاء في هذه المجموعة، التي درجت على اجتذاب مرشحين للهجرة عن طريق وسائل الإعلام الاجتماعي.

وأضاف البيان أنه تم عرض الموقوفين على النيابة، علماً بأن قانون العقوبات في الجزائر ينص على أحكام ثقيلة بالسجن، بحق من تثبت ضده تهمة «تعريض حياة الغير للخطر، عن طريق تنظيم رحلات هجرة غير شرعية»