"بين البناء والتخريب: السعودية ترسم المستقبل... وإيران تساوم على الخراب
بقلم الباحث و الكاتب السياسي عبد الحميد عجم

بينما كانت إيران تُعلن، على لسان أحد أبرز رجالها الأمنيين، علي شمخاني، استعدادها للتخلّي عن اليورانيوم عالي التخصيب في مقابل رفع العقوبات، كانت السعودية ترسم خارطة جديدة للاستقرار في المنطقة، بشراكة دولية واقتصادية واسعة، من قلب الرياض، ومن على منبر القمة الخليجية – الأميركية.
الفرق ليس في الكلمات. الفرق في الفلسفة.
فطهران لا تفاوض من أجل السلام، بل من أجل تجديد قدرتها على العبث. تصريحات شمخاني ليست عرض سلام، بل صفقة: دعوني أحتفظ بميليشياتي وصواريخي، وخذوا يورانيومي مقابل مالٍ وهدنة. بينما الرياض، عبر رؤية محمد بن سلمان، لا تساوم على أوطان أو جماجم، بل تبني تحالفات لتثبيت السيادة، ولإعادة الإعمار السياسي، لا لإدارة الخراب.
في غزة، أكثر من 100 ألف شهيد، وآلاف العائلات بلا مأوى. في جنوب لبنان، قرى أُحرقت تحت غطاء "المقاومة"، والدولة رهينة. وفي صنعاء، تحوّلت المدينة إلى ركام بعدما أطلقت إيران ذراعها الحوثية لتفترس ما تبقى من اليمن.
ماذا جنت هذه الشعوب من المشروع الإيراني؟ صواريخ تُطلق دون قرار وطني. أنفاق تُحفر لا لحماية الأرض بل لخطفها. ميليشيات تسرق القرار من عواصمها وترهنه لقادة في طهران لا يعرفون من شعوبنا إلا أسماء الخرائط.
في المقابل، تقف السعودية على النقيض الكامل:
خطة اقتصادية واضحة، تحالفات رسمية، شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة تُترجم بـ120 مليار دولار من التبادل التجاري، ودعوة للحلول السياسية في اليمن وفلسطين وسوريا. ولي العهد محمد بن سلمان لا يراهن على السلاح، بل على التنمية. لا يصدّر الثورة، بل يزرع الاستقرار. لا يدير شعبه عبر فصائل، بل عبر مؤسسات.
في القمة الخليجية – الأميركية، تحدث محمد بن سلمان بلغة المستقبل: عن بناء، عن شراكة، عن وقف الحرب، عن مبادرة السلام العربية، عن احترام القرار الفلسطيني والسيادة اليمنية.
وفي طهران، يتحدث النظام بلغة الحصار والنووي والصفقات الرمادية.
إيران تفاوض على جثث العرب، بينما السعودية تفاوض على مستقبلهم. الأولى تسعى لأن تبقى العواصم العربية خنادق حرب، والثانية تسعى لأن تتحول إلى عواصم استثمار وسياحة وتكنولوجيا.
لقد آن للعالم أن يرى الفارق الفاضح:
دولة تُعيد الإعمار... وأخرى تُتقن فنّ الهدم.
مشروع يستثمر في الإنسان... وآخر يستثمر في الدمار.
فليكن الصوت العربي واضحاً: لا مستقبل مع إيران، ولا سلام يُبنى على أنقاض غزة واليمن وبيروت.
بل المستقبل يُكتب حيث توجد إرادة بناء...حيث توجد السعودية.