من طرابلس العاصمة الثانية... شكراً وزير الداخلية

خاص مراسل نيوز

من طرابلس العاصمة الثانية... شكراً وزير الداخلية

في بلدٍ أنهكته الصفقات وتنازعته الولاءات، خرج صوتٌ من رحم الدولة يقول "لا". لا للخضوع، لا للمحاباة، لا لاغتيال ما تبقّى من هيبة الدولة.

هذا الصوت كان لوزير الداخلية أحمد الحجار، ابن طرابلس، المدينة التي طالما نُهبت بقرارات فوقية، وأُقصيت من قلب القرار، لتعود اليوم، وبصوته، إلى مشهد السيادة.

 

قرار واحد، لكن صداه أقوى من ألف خطاب.

 

إقالة محافظ؟ قد يظنها البعض إجراءً تقنياً. لكن في ميزان دولة كلبنان، حيث كل موقع محكوم بطائفة، وكل منصب مربوط بحبل سياسي سري، فإن اتخاذ هذا القرار بمفرده يُعد ثورة.

 

الحجار لم يتلطّ خلف الأعذار. لم يلقِ اللوم على انتخابات أو توجّهات. قالها صراحة: القرار مهني، الدولة لا تُدار بالمزاج، والكرسي ليس حصانة.

 

هنا، في طرابلس، حيث يتقاطع الألم مع الأمل، جاء الرد من الداخل لا الخارج. من رجل دولة لا تابع. من وزير لم يخشَ رد الفعل لأنه آمن بالفعل.

 

الرسالة وصلت: لا أحد فوق الدولة. لا أحد محصّن ما دام الشعب يُحاسب، ومؤسسات الدولة لا تزال تنبض.

 

وفي زمن أصبح فيه الصمت شكلاً من أشكال التواطؤ، قرر الحجار أن يتكلّم، أن يتحمّل، أن يُغيّر.

 

طرابلس، هذه المدينة التي طُعنت ألف مرة، وقُطعت عنها الكهرباء والتنمية والعدالة، وجدت أخيراً من يرفع رأسها في معادلة الوطن.

 

من هنا، من العاصمة الثانية، نرفع الصوت معك، لا لأجلك فقط، بل لأجل كل مسؤول نظيف ينتظر لحظة الحقيقة: أن تُحاسب دون أن تُحاصر، أن تجرؤ دون أن تُلغى.

 

معالي الوزير، في زمن الفساد الشرس، أنت صرت الخبر.

وفي زمن التواطؤ العابر للطوائف، أنت كنت القرار.

 

من طرابلس... نكتب لك، ونكتب عنك. ومن بيروت إلى الخليج، سيصل هذا الصوت: في لبنان، لا تزال الدولة ممكنة... عندما يُولد فيها رجال.