خوارزمية الشرطة الهولنديّة: هل تُحوِّل الأبرياء إلى متّهمين؟

تشير تقارير إعلامية إلى أن الشرطة الهولندية اعتمدت على خوارزمية تُعرف باسم "Preselect Recidive" لتوقع ما إن كان الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 12 و18 عاماً سيعاودون ارتكاب الجرائم بعد تفاعلهم مع جهات إنفاذ القانون. ومع ذلك، أثبتت النتائج أن نسبة الخطأ في هذه الخوارزمية مرتفعة جداً، حيث يُصنّف طفل واحد من بين كل ثلاثة بنحو خاطئ على أنه مرشح لارتكاب جرائم في المستقبل.
الخوارزمية بين التنبّؤ والخطأ
تعتمد خوارزمية "Preselect Recidive" على تحليل عدة عوامل لتقييم احتمال عودة الشباب إلى ارتكاب الجرائم، مثل العمر، وسجلّ التفاعل مع الشرطة سواء كان مباشراً أو من خلال الأسرة، بل وحتى وجودهم كشهود على الجرائم. ومع ذلك، أظهر التحقيق الذي أجرته مجموعة من الصحافيين الاستقصائيين الهولنديين من منصة FTM أن هذه الخوارزمية تنتج الكثير من التقييمات الخاطئة، وهو ما يعيد إلى الأذهان تحذيرات فيلم الخيال العلمي "Minority Report" حول استحالة التنبّؤ بالمستقبل بدقة.
تأثير التقييم الخاطئ
النتائج التي تصدرها الخوارزمية ليست مجرّد تصنيفات نظرية، بل تؤدّي دوراً كبيراً في تحديد مستقبل هؤلاء الشباب. فإذا أعطت الخوارزمية تقييماً مرتفعاً، قد يُواجه الشابّ تدابير جنائية أو برامج إعادة تأهيل من قبل الدولة الهولندية. لكن وجود نسبة كبيرة من الإيجابيات الزائفة يثير مخاوف بشأن عدالة هذه الآلية. وفقاً للخبراء، يمكن مقارنة دقة الخوارزمية بمجرد المصادفة العشوائية.
الدائرة المفرغة
كشف التحقيق أيضاً عن أن استخدام هذه الخوارزمية قد يؤدّي إلى دائرة مفرغة من التحيّزات. فبمجرد تصنيف شابّ معيّن على أنه "معرّض لخطر الجريمة"، يحظى بمزيد من اهتمام الشرطة، وهذا يزيد من احتمال توجيه الاتهامات إليه، حتى وإن كان أقرانه، الذين لم يحصلوا على نفس التقييم، يرتكبون عدداً مماثلاً من الجرائم دون أن يُسجلوا بنفس الطريقة.
الغموض القانوني
إحدى أبرز المشكلات هي أن المحامين، وحتى المتهمين أنفسهم، لم يكونوا على علم باستخدام الشرطة لهذه الخوارزمية. وتماماً كما الحال مع الأنظمة التقييمية الأخرى، مثل تقييم الجدارة الائتمانية، قد تُستغلّ نتائج الخوارزمية بما يؤثر سلباً على فرص الشاب في الحصول على وظائف أو خدمات أخرى.
ردود فعل الحكومة الهولندية
أقرّت وزارة العدل والأمن الهولندية، عند استفسار FTM، بأن الخوارزمية تحتوي على محدوديات، لكنها دافعت عن النظام باعتباره "كافياً في الوقت الحالي". ومع ذلك، يثير هذا النهج تساؤلات حول مدى ملاءمة الاعتماد على التكنولوجيا في قضايا حساسة تتعلق بمستقبل الشباب.
يثير استخدام خوارزمية "Preselect Recidive" أسئلة جوهرية حول أخلاقيات التكنولوجيا والعدالة الجنائية. فالاعتماد على نظام ذي هامش خطأ مرتفع قد يؤدّي إلى تمييز غير عادل، ويُعزز من التحيّزات الموجودة في المجتمع. تحتاج مثل هذه المبادرات إلى مراجعة دقيقة وإشراف مستمر لضمان عدم التضحية بحقوق الأفراد باسم التكنولوجيا.