باحثة فرنسية: الخطاب الفرنسي الاستعلائي يغذي قطيعة الثقة مع الجزائر

أكدت الباحثة الفرنسية في العلوم السياسية خديجة محسن-فنان، أن قرار الجزائر طرد 12 موظفا من القنصلية الفرنسية يعكس وجود أزمة ثقة متفاقمة بين البلدين.
وفي تصريح للأناضول أشارت فنان إلى أن هذا القرار جاء بعد أن اعتقلت السلطات الفرنسية موظفا قنصليا جزائريا اتُّهم بالتورط باختطاف المعارض الجزائري المعروف باسم “أمير DZ”.
وأوضحت الباحثة أن الرد الجزائري لم يتوقف عند الطرد فقط، بل تم أيضاً استدعاء السفير الفرنسي لدى الجزائر، ما زاد من حدة الأزمة.
وفي المقابل، أعلنت فرنسا نيتها طرد 12 دبلوماسياً جزائرياً، كرد مماثل.
وترى فنان أن جذور الأزمة أعمق من مجرد حادث دبلوماسي، مشيرة إلى أن العلاقات بين البلدين لم تتعافَ تماماً منذ استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962، وأنها ما زالت تتأثر بثقل التاريخ الاستعماري، وخاصة في قضايا مثل حرية التنقل والذاكرة التاريخية.
وأضافت: “بينما تحاول الجزائر إبقاء ملف الاستعمار حياً كجزء من هويتها الوطنية، تفضل فرنسا الصمت حول ماضيها الاستعماري”.
وأوضحت الباحثة أن التوتر الأخير سبقه توتر آخر في يوليو 2024، حين أعلنت باريس دعمها لخطة المغرب بشأن الحكم الذاتي بإقليم الصحراء، ما دفع الجزائر إلى سحب سفيرها من باريس.
كما انتقدت فنان بعض التصريحات الصادرة عن مسؤولين فرنسيين، والتي تخاطب الجزائر بذهنية استعمارية وتتعامل معها كدولة خاضعة، مشيرة إلى أن هذا النوع من الخطاب يزيد من تعقيد العلاقات ويغذي انعدام الثقة.
واختتمت الباحثة بأن الأزمة الحالية قد تكون نتيجة صراع داخلي داخل الدولة الفرنسية نفسها، بين توجه دبلوماسي يسعى للتقارب وخطاب أمني وسياسي يُعيد العلاقات إلى مربع التوتر.
والاثنين، هاجمت الجزائر بشدة وزير الداخلية الفرنسي برينو روتايو، الذي حملته مسؤوليه توقيف موظفها القنصلي، وتوعدت بـ”رد حازم ومناسب” على أي تطاول على سيادتها، مؤكدة أن قرار إبعاد 12 دبلوماسيا فرنسيا من بلادها “رد على اعتقال تشهيري لموظف قنصلي جزائري” قبل أيام.
وضمن تصاعد حدة الأزمة، أعلنت الرئاسة الفرنسية في بيان الثلاثاء، استدعاء سفير باريس لدى الجزائر، ستيفان روماتي للتشاور، مع قرار إبعاد 12 دبلوماسيا جزائريا، في إطار المعاملة بالمثل.
وتمثل هذه التطورات انتكاسة بعد انفراج في العلاقات بين البلدين، ففي 6 أبريل/نيسان الجاري، أعلن وزير الخارجية الفرنسي استئناف كل آليات التعاون بين بلاده والجزائر، بعد قطيعة استمرت لشهور بين البلدين.
وجاء هذا الإعلان عقب اجتماع بارو في الجزائر مع الرئيس عبد المجيد تبون، ومحادثات مع وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف.
وكانت زيارة بارو هي الأولى التي يجريها مسؤول فرنسي إلى الجزائر بعد قطيعة دامت أكثر من 8 أشهر؛ جراء أزمة وصفت بالأخطر بين البلدين.