"نداء من القلب إلى حزب الله: لبنان لا يُبنى بالبندقية"

بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

"نداء من القلب إلى حزب الله: لبنان لا يُبنى بالبندقية"

أيها الإخوة في حزب الله،
أيها المؤمنون بالعدل والمقاومة في بيئة الجنوب والبقاع والضاحية،
لبنان يناديكم اليوم... لا كخصوم، بل كأبناء بيت واحد، تحت سقف واحد، يُدعى الوطن.

ما قاله الموفد الأميركي توم برّاك في بيروت ليس مجرد موقف سياسي. لقد فتح النار على الجميع، على الدولة، وعلى سلاحكم، وعلى حدودكم، وعلى كرامتكم، وعلى لبنان برمته. ولكن، لعلّ هذا الإنذار كان ضرورة لنطرح سؤالًا واحدًا بصوت مرتفع:

إلى أين نمضي بهذا السلاح؟

 سلاح المقاومة أم سلاح الهيمنة؟

نعم، رفعتم السلاح يوم تخلى العالم عن الجنوب. قاومتم، وضحيتم، وانتصرتم.
لكن بعد النصر، لم تعودوا إلى الناس، بل علّقتم البندقية فوق رأس الدولة، وأغلقتم باب السيادة من جهة، وفتحتم باب الطائفية من الجهة الأخرى.

سلاح المقاومة، حين لا يكون تحت القانون، يتحول تدريجيًا إلى سلاح هيمنة.
إلى من توجه؟ من يحاسب؟ من يقرر؟ أهو مجلس النواب؟ الحكومة؟ أم القرار في مرجعية واحدة خارج مؤسسات الدولة؟
 
 عندما يختبئ الوطن خلف "القداسة"

كل شيء مقدّس خارج المحاسبة يتحول إلى ظلّ. وأنتم لا يمكن أن تكونوا ظلًّا في وطن يحتاج نورًا.
الجنوب يستحق دولة، لا منطقة خارجة عن القانون.
الضاحية تستحق مدارس ومستشفيات، لا قنابل وملاجئ.
الشهداء يستحقون مستقبلًا مشرفًا لأبنائهم، لا وراثة دائمة للصراع.

 الدولة هي الضامن الوحيد للكرامة

الدولة ليست مؤامرة. ليست مؤامرة سنية أو مارونية أو دولية.
الدولة هي الشيعة أيضًا، والدروز، والمسيحيون، والسنة، والفقراء قبل الأغنياء.
نزع السلاح لا يعني تسليم رقابكم. بل يعني أنكم تضعون سلاحكم في يد الدولة التي تمثلكم أيضًا.
أنتم لم تعودوا فصيلاً منعزلاً... أنتم حزب حاكم.
وحزب حاكم يملك السلاح خارج القانون؟ إنها وصفة لحرب أهلية مؤجلة.

 أي وطن نريد أن نورثه لأبنائنا؟

هل نريد أن نعيش في بلد يُهدد بالطائرات المسيّرة كلما اختلفت التوازنات؟
هل نريد أن تبقى حدودنا صندوق بريد لحروب إيران وإسرائيل؟
هل نريد أن يبقى ابن الجنوب وقودًا للسياسة الإقليمية بينما تنعم الدول التي تسلّح وتحرّض بالثروات؟

 الوقت ليس في صالح أحد

برّاك قالها: "الوقت ليس مفتوحًا"،
والمهلة لا تحددها واشنطن، بل إسرائيل.

وأنتم تعلمون، قبل غيركم، أن إسرائيل لا ترحم... ولا تفوّت فرص الضعف.
فهل نبقى نحن رهائن لهذه اللعبة؟ أم نقرر أن نكون "المفاجأة"، أن نكسر التوقع، ونقول: نعم... نريد وطنًا، لا جبهة!

 الفرصة ما زالت قائمة... فهل من مجيب؟

نعم، لدينا الفرصة.
أن نضع خارطة طريق تحمي لبنان، وتُبقي كرامتكم محفوظة، وتُنقذ ما تبقى من الدولة.
نحن نحتاجكم داخل الدولة، لا فوقها.

أيها الإخوة،
الناس جاعت، انهارت، تعبت... وتنتظر منكم قرارًا نبيلًا بحجم المقاومة الحقيقية:
المقاومة ضد الانهيار، ضد التفكك، ضد الذات المتضخمة، ضد وهم السلاح الأبدي.

كونوا الكبار...
وتنازلوا لمصلحة وطنكم، لا خصومكم.
لأننا، وإن اختلفنا، نبقى في بيت واحد... اسمه لبنان.

 "إن لم نُسلّم لبعضنا اليوم... قد نُسلَّم غدًا للدمار."
فاختروا لبنان.