لبيك يا سلام… سقط القناع!
خاص مراسل نيوز

في بلدٍ أنهكته الازدواجيات، ودمّره تضارب الولاءات، لم يعد مستغربًا أن تتحوّل مواقف بعض القوى من التحريض إلى الاستنكار في لمح البصر، وكأن الشعب بلا ذاكرة. لكن ما حدث مؤخرًا، من هجوم علني على رئيس الحكومة نواف سلام، ثم صدور بيان "استنكار" من الجهة نفسها، يضع الجميع أمام سؤال واحد: من يُشعل الشارع؟ ومن يختبئ خلف البيانات؟
نواف سلام، قاضٍ أممي، وصوتٌ للدولة في زمن السلاح، يتعرّض لحملة تشويه ممنهجة، بدأت صامتة وتحوّلت إلى هتافات على المدرجات، قبل أن تتحوّل فجأة إلى "أمر مستنكر" ببيان إعلامي صادر عن حزب الله.
اللبنانيون ليسوا سذّجًا. يعرفون أن الشارع لا يهتف وحده. وأن أي موجة شعبية تبدأ بقرار، وتتغذّى من منابر التحريض، وتُركّب بعناية على خطاب يُشيطن الآخر ويمنحه صفة "الخصم الداخلي".
فهل نواف سلام هو الخصم؟ أم أن المشكلة تكمن في مشروع الدولة الذي يحمل اسمه؟
سلام، الذي لم يدخل السراي من بوابة الصفقات، ولا من نوافذ التسويات الرخيصة، جاء بأمل استعادة الدولة، بمواجهة منظومة تغذّت لسنوات من الفوضى واللا دولة. لم يساوم، لم يخضع، لم يدخل نادِ الزعامات الطائفية. لذلك أصبح خصمًا.
خصمًا لأنه يتجرّأ على قول "لا" حيث اعتاد الجميع على الركوع.
ثم يأتي من حرّض عليه شهورًا، لينكر فعلته، ويقول: "نستنكر". فهل الاستنكار يُلغي الشحن؟ وهل البيان يمحو سنوات من الحملات الممنهجة؟
الاستنكار لا يُقنع أحدًا. فالصمت عن التحريض أخطر من الهتاف. والتغاضي عن تشويه صورة رجل الدولة هو تواطؤ ناعم لا يقل خطورة عن الهجوم العنيف.
نواف سلام لا يُرهب
هو ليس نجمًا صاعدًا. هو قامة قضائية وأخلاقية، امتشق القانون سلاحًا، ولم يختبئ خلف راية. يملك مشروع دولة حقيقية، في مواجهة مشروع السلاح المغلّف بالمقاومة، والشعبوية المغطاة بالكرامات الوهمية.
وهو اليوم يُدافع عن كرامته، لا لشخصه، بل لكرامة الدولة التي صارت عرضة للهتاف، والتجريح، والخذلان.
"لبيك يا سلام" ليست شعارًا. إنها موقف.
إنها صرخة اللبنانيين الذين سئموا الكذب السياسي، وملّوا من الخوف.
إنها انحياز للدولة أمام سطوة السلاح، وللقانون أمام منطق الغلبة.
ولأن الأقنعة سقطت… حان وقت الحقيقة.
لبيك يا سلام… سقط القناع.