‎كفى يا نعيم قاسم: لبنان ليس مزرعة لعقيدتكم

بقلم رئيسة التحرير ليندا المصري

‎كفى يا نعيم قاسم: لبنان ليس مزرعة لعقيدتكم

‎في كل عاشوراء، يبكي لبنان مرتين: مرةً على الحسين، ومرة على وطنٍ يُستباح باسم الحسين.

 

‎خرج الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لـ«حزب الله»، ليلقي خطابًا مشحونًا، مليئًا بالتهديدات والتناقضات، غلّفه بعبارات الولاء لخطّ المقاومة، لكنه في جوهره لم يكن سوى إعلان تمرّد سياسي صريح على الدولة والدستور والشرعية الدولية.

 

‎لقد آن الأوان أن يُقال بصراحة: كفى يا نعيم قاسم. كفى استخدامًا للدين غطاءً للهيمنة. كفى ربطًا للمقاومة بالمذهب والدم والولاء الأعمى. كفى ابتزازًا للبنان باسم الجرحى والشهداء. وكفى تمثيلاً على اللبنانيين بأنكم وحدكم أصحاب الحق ووصاة على الوطن.

 

‎قال قاسم: "المقاومة لا يمكن إلا أن تستمر". لكن السؤال الجوهري هو: مقاومة من؟ وضد من؟

 

‎ألم يحن الوقت لتفهموا أن السلاح الذي كان ضرورة في زمن الاحتلال، تحوّل إلى عبء قاتل على الدولة، وعلى الاقتصاد، وعلى صورة لبنان في العالم؟

 

‎قال قاسم إنهم لا يقبلون أن يعيشوا في سجن كبير. والحقيقة أن لبنان كله يعيش اليوم في سجن صغير اسمه «حزب الله». سجن تُمنَع فيه الدولة من اتخاذ قرار، ويُحاصر فيه القضاء، وتُخطف فيه السياسة، ويُمنَع فيه أي حوار لا يبدأ وينتهي عند شروط الحزب.

 

‎يتحدث قاسم عن القرار 1701 وكأنه خيار تفاوضي. يضع تطبيقه رهينة لإتمام «اتفاق» يراه الحزب مناسبًا. أي قانون دولي هذا الذي يُطبق بمزاج حزبي؟ أي شرعية تلك التي تُنتقى على طريقة المقاهي؟!

 

‎ويهدد قاسم بأن الحزب مستعد للسلم أو للمواجهة. دعونا نسأله: بأي صفة تهدد؟ نيابة عن مَن؟ بأي شرعية؟ من خوّلكم أن تتحدثوا باسم لبنان كله؟

 

‎يكفي استعلاءً على الدولة. يكفي تصوير النفس كمخلص أو منتصر أبدي. فالوطن لا يُبنى بالسلاح، ولا بالخطابات المحنطة، ولا بشعارات العزاء المتكررة. الوطن يُبنى بالقرار الواحد، بالسيادة الواحدة، وبشعب لا يُختزل بحزب ولا يُساق إلى الحرب كما يُساق القطيع.

 

‎لبنان لم يعد يحتمل لغة التحدي. لم يعد يتحمل دولة داخل الدولة. وإذا كان هناك من يجب أن يواجه، فليكن اللبنانيون أنفسهم في وجه من صادر قرارهم، خنق دولتهم، وعلّق مصيرهم بخيوط بندقية واحدة.

 

‎في عاشوراء، نعم نستلهم قيم الحسين، لكن الحسين خرج على الظلم لا ليؤسّس ولاية حزبية أبدية. الحسين رفض الخضوع لا ليُستَخدم اسمه اليوم في تخويف اللبنانيين من دولتهم.

 

‎كفى يا نعيم قاسم. لبنان ليس مزرعة. ولا دويلة. ولا رهينة.

 

‎إنه وطن… وللوطن سيادة لا تتجزأ.

 

‎فهل أنتم مستعدون لاحترامها؟ أم أنكم قررتم أن تدمّروها باسم المقاومة؟