جبران باسيل يستعرض!

خاص مراسل نيوز

جبران باسيل يستعرض!

رغم الأهوال والمخاطر التي يمرّ بها البلد وتشهدها المنطقة، يصرّ رئيس التيّار الوطني الحر على الإستعراض السياسي والإعلامي..وإلّا كيف نفسّر أنّ كلّ اللقاءات والزيارات التي قام بها الى الرؤساء والقيادات والتكتّلات النيابية لم تسفر عن أيّ حلّ عمليّ لأيّ أمر من الأمور العالقة في الداخل اللبناني؟

في بنشعي، وعلى لسان المرشّح سليمان فرنجية، جاء في الكلام "أنّ التيار لم يغيّر في موقفه من الإستحقاق الرئاسي"، بمعنى أنّ باسيل لن يؤيّد معركة فرنجية، ما يجعل الطريق مسدودة أمام فتح أبواب القصر الجمهوري..وكلّ ما دار هو الإشادة بعقلانيّة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، والتوافق على رفض وصول "الخصم المشترك" قائد الجيش جوزيف عون الى بعبدا!

مع "تكتّل الإعتدال الوطني" ومع "تكتّل الإتفاق الوطني" جنح الحديث الى الكلام عن مواجهة إسرائيل وعن الإستعداد للقتال إذا ما اعتدت على لبنان، وكأنّ باسيل وفيصل كرامي ووليد البعريني وأحمد الخير هم من يقرّرون السلم والحرب، أو هم من يديرون المعارك الممتدّة من الجنوب الى غزّة الى العراق وسوريا واليمن.حتّى نصرالله لم يعد صاحب القرار، فقد دخلنا في تشابكات لعبة الأمم الكبرى بين أميركا وإيران ودول أوروبا العظمى!

زار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السراي الكبير، وانتظرنا قراراً مشتركاً بالعودة الى المشاركة في إجتماعات مجلس الوزراء المنقوصة..فما الذي حصل؟

بعد أقل من 24 ساعة، شنّ النائب جورج عطالله هجوماً غير مفهوم على الرئيس ميقاتي، متّهماً إيّاه بالتلكؤ في الإهتمام بمخاطر الحرب على لبنان:كيف يجمع باسيل بين إتّهام الحكومة بالتقصير ويمتنع عن مشاركة وزرائه في الإجتماعات الرسمية أو التشاوريّة؟

وعند أوّل جلسة للبحث الجاد في المواضيح المستعجلة، كملء الفراغ في قيادة الجيش بعد ثلاثة أشهر، خرج وزير الدفاع موريس سليم (كتلامذة الصفوف الإبتدائية) صارخاً "يا عيب الشوم"، ليلحق به وزيرا الشؤون الإجتماعية والعدل لإسترضائه وعودته الى الجلسة، ولكن دون جدوى:فماذا يكون قد بقي من زيارة باسيل الى السراي، غير الإستعراض الإعلامي البائس؟

زار عين التينة، واسبشرنا خيراً بلقائه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد قطيعة معلنة تخلّلها قصف سياسي متبادل.قلنا، لا بدّ من نتيجة إيجابية من هذا اللقاء، أقلّه الإتّفاق على التمديد لقائد الجيش.ولكنّ شيئاً من ذلك لم يحصل:سلام وكلام وابتسامات صفراء، وأحاديث جوفاء عن الوحدة الوطنية وعن الشعب المقاوم..وربّما عن أحوال الطقس المشمس في هذه الأيام السوداء!

عندما قرّر زيارة الزعيم وليد جنبلاط في كيمنصو، توقّعنا أن يكون حاملاً في جيبه الموافقة على تعيين رئيس جديد للأركان، بما يرضي الطائفة الدرزية.وهكذا يكون قد قدّم "هديّة" باسم المسيحيين، مستغلّاً تراجع القوات اللبنانية عن المشهد السياسي، وغياب دور بكركي بسبب سفر البطريرك الراعي الى الفاتيكان..خرج الخطابان، بعد اللقاء، دون الإتيان بذكر موضوع "العقدة العالقة"، وتحدّث كلّ من الرجلين عن أمور تقلق الساحة اللبنانية من دون ملامسة أيّ جرح من جروحها الكثيرة!

في الزمن اللبناني القاتم المرمي بين فكّي إيران وإسرائيل، وفي الزمن المسيحي ما بعد عصر البطريرك صفير، يطلّ جبران باسيل كزعيم شارد خارج من "أنا" منفوخة حتى التضحية بالوطن والناس، ليدور على القوى السياسية، مستعرضاً بالصوت والصورة والضحكة التي لا تقول أو تفعل شيئاً:بئس البلد، وبئس المسيحيين..وبئس القيادات!