عشاء عائلي!

بقلم مراسل نيوز

عشاء عائلي!

كما كان هناك "العشاء السرّي" في التقويم المسيحي الغابر، حصل هناك في كليمنصو "العشاء العائلي" وفق التقويم الرئاسي المتعثر.العشاء بدا محدود الأهداف والأبعاد، ولم يخرج عن سياسة إنفتاح تيمور جنبلاط على جميع القوى اللبنانية، وعن رغبة وليد جنبلاط في تصفير الخصومات عندما "تتبدّل الدول"، وعن حاجة فرنجية إلى خرق ولو رمزيّ في جدار الإستحقاق الرئاسي المستعصي.ولعلّ أبرز تأكيد على "عائلية" العشاء هو طبيعة الحضور والمدعوين أنفسهم:وليد جنبلاط وعقيلته، سليمان فرنجية وعقيلته، تيمور جنبلاط وعقيلته، طوني فرنجية وعقيلته، وائل أبو فاعور وعقيلته.والكلام ليس تقليلاً من دور العقيلات، وإنّما للإشارة إلى أنّ "الطبق الرئاسي" لم يمكن الطبق الأساس على مائدة العائلتين.إضافة إلى أنّ ما قاله الحزب التقدمي أو تيّار المردة، تعليقاً على المناسبة، لم يتعدَّ الحديث عن "منوّعات سياسية" تخلّلت الجلسة الشتوية، من ضمنها الموضوع الرئاسي الذي لا يطبخ في هذا النوع من الجلسات، ومنها موضوع تعيين رئيس جديد للأركان في الجيش اللبناني.

هذا من حيث الشكل.أمّا من حيث المضمون، فيمكن القول أنّ الرجلين، أي جنبلاط وفرنجية، لا يملكان ما يمكن أن يتبادلاه في موضوعي الرئاسة والأركان:جنبلاط لا يستطيع أن يجيّر أصوات كتلته النيابية الى فرنجية، لأسباب داخلية تعود الى توجّهات الكتلة نفسها وعلى رأسها تيمور جنبلاط، وإلى توجّهات خارجية مرتبطة بالموقف السعودي الرافض لوصول "مرشح الممانعة" الى بعبدا..وبالمقابل فإنّ زعيم بنشعي لا يملك مفاتيح وزارة الدفاع التي تسهّل تعيين رئيس أركان جديد، حيث أنّ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لا يزال، حتى الساعة، يرفض تمرير هذا التعيين بحجّة عدم المساس بصلاحيات رئيس الجمهورية المغيّب!

وعلى الصعيد اللبناني، فلا يزال رئيس المجلس نبيه برّي يعزف على وتر وحيد ومرشح وحيد هو سليمان فرنجية، ما يعني أنّه لا حلحلة ولا أفق قريب.كما أنّ الدكتور سمير جعجع، من الجهة المقابلة، أكّد أنّه لن تكون هناك تسوية في الجنوب بين إسرائيل وحزب الله برعاية المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين من بنودها التسليم بالموقع الرئاسي بما يشتهيه الحزب، وهذا يقودنا الى مراوحة مديدة في هذا الموضوع قد تكون مرتبطة، شئنا أم أبينا" بنهايات الحرب في غزّة!

أمّا على الصعيد الدولي، فالأمور تشتدّ تعقيداً مع توسّع جبهات الحرب من غزّة والجنوب اللبناني وسوريا، إلى البحر الأحمر واليمن وأربيل حيث سجّلت، للمرّة الأولى، مشاركة مباشرة من طهران بالقصف الصاروخي على ما أسمته "أهداف إستخباراتية" ذهب ضحيّتها عدد من المواطنين الأكراد.

في الخلاصة، لا رئاسيّات في المدى المنظور.وكلّ ما يسعى إليه الموفدون هو ضبط الوضع في الجنوب حتى لا يتطوّر الى حرب مفتوحة مدمّرة..والإعتماد على الحراك الداخلي (عشاء ثنائي، أو زيارات تكتّل الإعتدال الوطني، أو تصريحات من هنا وهناك..) هو إضاعة للوقت الضائع أصلاً وتسجيل حضور، ليس إلّا!