ميقاتي بيروت وميقاتي دافوس!

بقلم مراسل نيوز

ميقاتي بيروت وميقاتي دافوس!

قيل قديماً "لكلّ مقام مقال"، ونقول حديثاً لكلّ مكان أو محطّة إخبارية ميقاتيها:كيف ذلك؟

قبل عدّة أيّام، وخلال زيارة المبعوث الأميركي أموس هوكشتين إلى لبنان، خرج رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على اللبنانيين وعلى العالم بموقف رسمي يمثّل الدولة اللبنانية جاء فيه "أنّ الوضع في لبنان والجنوب مرتبط بالوضع في غزّة"، ونقطة عالسطر.أي أنّه عمليّاً لم يعد من حاجة لزيارة الموفدين الى البلد للبحث في التهدئة المؤقتة أو الطويلة المدى، حيث أنّ الأمر قد بُتَّ، وبات الوضع اللبناني جزءً لا يتجزّأ من تطوّر الحرب القائمة في غزّة:بدأنا حرب الإشغال معها، وننتهي معها.وفي ذلك تماهي مطلق مع موقف حزب الله الذي يردّده الأمين العام حسن نصرالله تباعاً في جميع خطاباته، وفي ذلك أيضاً موقف رسمي بالغ الخطورة يقضي بإلحاق الوضع اللبناني بما ترتأيه المقاومة الإسلامية، وفي ذلك أيضاً وأيضاً إلغاء تام للهامش المعمول به منذ حرب 2006 حين استطاع رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة أن يرسم هامشاً واسعاً بين الدولة والدويلة، فارضاً عليها وعلى العالم أنّ الحكومة اللبنانية هي المفاوض الأول والوحيد باسم مصالح لبنان، وقد استطاع إنتزاع القرار الدولي 1701 الذي لا يزال يشكّل خيمة الأمان للبلد، إلى أن تخلّى عنه ميقاتي في موقفه الموحّد بلا قيود ولا شروط بين الدولة والدويلة!

عند وصوله للمشاركة في مؤتمر دافوس السنوي، وفي مقابلة له مع محطّة "الحدث"، إرتبك الرئيس في أجوبته على المذيعة التي أمطرته بأسئلتها الذكيّة حول تصريحه الأول بأنّ حزب الله يمتلك قرار السلم والحرب في لبنان، وحول تصريحه القاضي بربط الحلّ في الجنوب بوقف الحرب على غزّة، فما كان منه إلّا أن تحجّج بارتباطه بموعد عاجل للتخلّص من أسئلتها المحرجة، وقد وصل به الإرتباك الى الفصل بين السلم والحرب، مدّعياً بأنّ الدولة تملك قرار السلم والحزب يملك قرار الحرب، خاتماً بأنّ الحكومة تعمل على سلم (مشدّداً على تعبير سلم لا سلام) طويل المدى..دون أن يجيب على السؤال المركزي:ما الذي دفعه إلى التخلّي العلني عن الهامش الرسمي بين الدولة اللبنانية وبين دويلة حزب الله..وكيف سيواجه العالم بعد أن اقترف هذه الخطيئة المميتة؟

في مؤتمر دافوس وُلد "ميقاتي ثالث"، إذ صرّح هناك أنّ "قرار الحرب في الجنوب جاء من حزب الله"، وهو بذلك يناقض كلّ ما جاء على لسانه من تصريحات سابقة في بيروت، ويكون قد تصرّف على طريقة "ما يطلبه المستمعون":في بيروت حزب الله هو المستمع..وفي دافوس العالم هو المستمع..ويبقى السؤال الكبير، كيف سيستطيع رئيس الحكومة أن يبرّر كلّ هذا التناقض، أكان أمام المواطنين اللبنانيين، أو أمام أبواق حزب الله الذي سيطلق العنان دون شك لجيشه الإلكتروني الأشبه بالقمصان السود؟