حزب الله يغرق في أزمته المالية: انهيار وشيك أم إعادة تموضع؟

بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم

حزب الله يغرق في أزمته المالية: انهيار وشيك أم إعادة تموضع؟

في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بلبنان، يواجه "حزب الله" تحديات مالية كبرى، تتجلى بوضوح في تعليق دفع التعويضات للعائلات المتضررة من الحرب الأخيرة. وبينما تُبرر "مؤسسة القرض الحسن" هذا التعليق بأسباب "تقنية"، تكشف المعطيات أن الحزب يعاني من نقص حاد في السيولة وعجز عن توفير الأموال اللازمة لتغطية التزاماته.

كان الحزب قد تعهد سابقًا بتقديم 14 ألف دولار سنويًا لكل عائلة متضررة، تشمل 8 آلاف دولار للأثاث تُدفع مرة واحدة، و6 آلاف بدل إيجار في بيروت وضواحيها، و4 آلاف دولار للمقيمين في الجنوب والبقاع. لكن حجم الأضرار الهائل فاق توقعاته، ما جعله غير قادر على الوفاء بهذه الوعود.

وفقًا لمصادر مطلعة، حصل الحزب خلال الأيام الأولى لوقف إطلاق النار على مليار دولار من إيران، إلا أن هذه الأموال استُنفدت بسرعة، مما دفعه إلى البحث عن قنوات تمويل جديدة. ويبدو أن تشديد الرقابة الدولية على التحويلات المالية، خصوصًا بعد تضييق الخناق على الطرق التي تمر عبر سوريا، زاد من صعوبة نقل الأموال إلى لبنان، ما فاقم الأزمة المالية للحزب.

يثير توقف "القرض الحسن" عن دفع التعويضات تساؤلات حول إمكانية استخدام ودائع المودعين لتمويل العجز، وهو ما قد يؤدي إلى أزمة ثقة كبيرة بين جمهور الحزب ومؤسساته المالية. كما يخشى العديد من المتضررين من أن تلقيهم التعويضات قد يعرضهم لعقوبات أمريكية، مما يزيد من تعقيد الأزمة.

يبدو أن الحزب يعطي الأولوية حاليًا لدفع رواتب مقاتليه وأسر الشهداء والجرحى، على حساب التعويضات للمدنيين. وهذا يعكس تحولًا في الأولويات قد يكون مدفوعًا بالضغوط المالية المتزايدة.

إلى جانب شح الموارد، تبرز شكاوى واسعة من عدم المساواة في تقييم الأضرار، حيث يحصل "المحظيون" على تعويضات مجزية، بينما يتم تجاهل الأضرار الجسيمة في بعض المنازل، خصوصًا تلك المتعلقة بالأثاث والتجهيزات.

مع استمرار العقوبات الأمريكية واشتداد الخناق على مصادر التمويل، قد يجد الحزب نفسه أمام معضلة مالية غير مسبوقة. فهل سيتمكن من ابتكار حلول جديدة لإنقاذ وضعه المالي، أم أن الأزمة ستُجبره على إعادة النظر في استراتيجيته السياسية والعسكرية؟

والأهم: هل نشهد بداية تراجع نفوذ حزب الله بسبب الضغوط المالية، أم أنه قادر على تجاوز هذه الأزمة كما فعل في السابق؟