لقاء فرنجية - البخاري يشعل الساحة اللبنانية.. هل تقود السعودية عودة لبنان إلى الحضن العربي؟
بقلم الكاتب و الباحث السياسي عبد الحميد عجم
شهدت الساحة السياسية اللبنانية تطورًا لافتًا عقب الزيارة التي قام بها سفير المملكة العربية السعودية، وليد البخاري، إلى دارة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والنائب طوني فرنجية في بنشعي. هذه الزيارة لم تكن مجرد لقاء دبلوماسي عابر، بل حملت في طياتها رسائل سياسية ودبلوماسية عميقة تؤكد رغبة المملكة في إعادة مدّ الجسور مع لبنان، بما يعكس تحولات مهمة على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين.
أعرب النائب طوني فرنجية، في تغريدة له على منصة "إكس"، عن تفاؤله الكبير بهذه الخطوة، معتبرًا أنها "بُشرى خير للبنانيين"، حيث شدد على أن العلاقات بين السعودية ولبنان علاقات "طبيعية لا يمكن قطعها أو تجزئتها". هذه الكلمات تعكس واقعًا لطالما أكده اللبنانيون، وهو أن السعودية كانت ولا تزال شريكًا استراتيجيًا للبنان، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي.
أهمية العودة السعودية إلى الساحة اللبنانية
تشير هذه الزيارة إلى أن المملكة العربية السعودية تتبنى سياسة انفتاحية تجاه لبنان، وهي رسالة طمأنة للشارع اللبناني الذي يتطلع إلى دعم عربي يعيد التوازن إلى المشهد السياسي والاقتصادي المضطرب. فمنذ سنوات، لعبت المملكة دورًا محوريًا في دعم استقرار لبنان، سواء عبر المساعدات الاقتصادية أو من خلال دعمها المستمر لمؤسساته السيادية.
إعادة تفعيل العلاقات اللبنانية-السعودية تمثل فرصة ذهبية للبنان للخروج من العزلة العربية، لا سيما في ظل التحديات الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها. فالمملكة تعدّ شريكًا استراتيجيًا قادرًا على المساهمة في إعادة النهوض بلبنان عبر مشاريع تنموية واستثمارات مباشرة قد تعيد الثقة بالاقتصاد اللبناني وتفتح الأبواب أمام فرص عمل جديدة.
سياسيًا، يمكن لهذه الخطوة أن تؤدي إلى إعادة خلط الأوراق على الساحة الداخلية، خصوصًا أن المملكة كانت دائمًا داعمًا أساسيًا لسيادة لبنان واستقراره. ويأتي توقيت هذه الزيارة في ظل جهود لبنانية مكثفة لحلحلة الملفات العالقة، سواء على صعيد انتخاب رئيس جديد للجمهورية أو تشكيل حكومة قادرة على إخراج البلاد من أزماتها المتراكمة.
كما أن هذه المبادرة تعطي زخمًا جديدًا للعلاقات اللبنانية-العربية، ما يعزز من موقع لبنان في محيطه الإقليمي، خاصة إذا ما تبعتها خطوات عملية تترجم على الأرض من خلال مشاريع تنموية واستثمارات حقيقية.
زيارة السفير البخاري إلى بنشعي ليست مجرد لقاء دبلوماسي، بل هي خطوة تحمل في طياتها أبعادًا سياسية واقتصادية عميقة. إذا ما استُكملت بخطوات عملية، فقد نشهد عودة قوية للدور السعودي في لبنان، بما يعزز الاستقرار السياسي ويفتح المجال أمام مرحلة جديدة من التعاون البناء بين البلدين.
يبقى السؤال الأبرز: هل ستُترجم هذه النوايا الحسنة إلى خطوات ملموسة على الأرض؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة، لكن الأكيد أن هذه الزيارة أعادت الأمل للبنانيين بعودة العلاقات الطبيعية والمثمرة مع المملكة العربية السعودية.