العلاّمة السيد علي الأمين في كلمة إلى الشعب اللبناني.
إن مسيرة بناء الوطن ودولة المؤسسات تقع مسؤوليتها على اللبنانيين جميعاً على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والسياسية،ويتحمّل الشباب منهم القسم الأكبر منها، لأنهم عنصر القوّة في بناء الوطن وحمايته،وهذه المسؤولية تكبر في المراحل الصّعبة الّتي يمرّ بها الوطن.ومن أهم الوسائل التي نحتاجها في هذه المسيرة هي وعي الشباب اللّبناني،فإنّ وعيهم يشكّل الضمانة الكبرى لإفشال المخطّطات الّتي تستهدف الوطن من خلال زرع الفرقة والفتن بين الطّوائف اللّبنانية.
ويجب أن يتم الفصل بين الاختلاف في أمور السياسة بين السياسيين وأحزابهم وبين العلاقات بين الطوائف اللبنانية التي يجب أن تبقى ثابتةً لا تتغير بتغير أهل السياسة.
فمن الواجب علينا إبقاء تلك الاختلافات بين السياسيين في الدائرة السياسية ولا يجوز أن تصل إلى الأمور الدينية أو الطائفية أو إلى علاقات الطوائف القائمة على الثوابت الوطنية التي لا تتغير،فإن هذه الأمور يجب أن تبقى بعـيدة عن كل تلك التجاذبات السياسية الزائلة·
وفي هذه الظروف القاسية التي يعيشها لبنان لا بد من التوجه بالقول إلى الذين نختلف مع قياداتهم بالرأي بأن الإختلاف في الرأي لا يفسد في الودّ قضية،ولا يفسد انتماءنا إلى الوطن الواحد الذي يجمعنا والمصير الواحد الذي يصير إليه، فأنتم منّا ونحن منكم،ونحن جزء لا يتجزأ من أهلنا وشعبنا،وكلنا مع غيرنا من الشركاء في الوطن نشكل الشعب اللبناني الواحد المؤمن بلبنان الوطن النهائي والدائم، والذي تجلت صورة عيشه المشترك في احتضان النازحين من أهلنا من أبناء وطنهم في صيدا وإقليم الخروب والشوف وجبل لبنان وبيروت وجبيل وكسروان وطرابلس وعكار وسائر المناطق اللبنانية.
هذا المظهر من مظاهر الوحدة الوطنية الذي تجلّى في هذا الإحتضان والتعاون والتضامن يخاطب اللبنانيين جميعهم بالخروج من أسوار الطائفية وسجون المذهبية والحزبية الضيقة إلى رحاب العيش المشترك، إلى الوطن الواحد ودولة المؤسسات والقانون الذي يتساوى أمامه كل المواطنين.
ونقول للجميع إن الطائفة الشيعية لم تخرج في تطلعاتها عن تطلعات سائر الطوائف اللبنانية في الإيمان بالوطن الواحد، والعيش المشترك وقيام دولة المؤسسات والقانون، ونجدد القول بأنه لن تحمينا مذاهبنا ولا طوائفنا ولا أحزابنا، بل الذي يحمينا هو الانصهار الوطني والدولة العادلة التي تشكل المرجعية الوحيدة لشعبها والتي تبسط سلطتها على كامل أراضيها