مصر وأميركا... تعزيز لمسارات التعاون وتوافق نحو «تهدئة» في المنطقة

مصر وأميركا... تعزيز لمسارات التعاون وتوافق نحو «تهدئة» في المنطقة

جرت محادثات بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره الأميركي، ماركو روبيو، الجمعة، تطرقت لملفات الأزمات بالمنطقة في قطاع غزة و«القرن الأفريقي» وأمن البحر الأحمر و«سد النهضة» الإثيوبي، وسط توافق بينهما على «أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين بهدف خفض التصعيد في المنطقة وإحلال السلام والاستقرار».

ذلك الاتصال الهاتفي بين عبد العاطي وروبيو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» ستبنى عليه خطوات لتعزيز مسارات التعاون والتوافق مما يساعد في استكمال اتفاق الهدنة بقطاع غزة والوصول لتفاهمات في قضايا، بينها أزمة «سد النهضة» التي توصلت بشأنها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ولايته الأولى (2017 - 2020) لاتفاق لم توقع أديس أبابا عليه، بخلاف حلول لقضايا حرجة بالمنطقة كأمن البحر الأحمر وملفات سوريا وليبيا والسودان.

وأعرب الوزير المصري خلال الاتصال الهاتفي عن «التطلع للعمل بصورة وثيقة مع الوزير روبيو والإدارة الأميركية الجديدة من أجل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية»، الجمعة.

كما تبادل الوزيران المصري والأميركي «الرؤى والتقييمات بشأن المستجدات في قطاع غزة وأهمية استكمال اتفاق (الهدنة)، وسوريا، ولبنان، والسودان، وليبيا، والقرن الأفريقي، وأمن البحر الأحمر وحرية الملاحة، وقضية (السد الإثيوبي) وأمن مصر المائي»، واتفقا على «أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين بهدف خفض التصعيد في المنطقة وإحلال السلام والاستقرار».

وبخلاف دور «إدارة ترمب» مع مصر وقطر في اتفاق «هدنة غزة» الذي بدأ في 19 يناير (كانون الثاني) الحالي، شهدت ولاية ترمب الأولى تقارباً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في ملفات، لا سيما أزمة «سد النهضة»، بعد إبرام واشنطن اتفاقاً بشأنها في فبراير (شباط) 2020، رفضت أديس أبابا التوقيع عليه، مما دعا الإدارة الأميركية بعد أشهر لتعليق جزء من المساعدات المالية لإثيوبيا.

أمين عام «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، يرى أن الاتصال الهاتفي مهم، وستبنى عليه خطوات يتوقع خلالها أن تلعب «إدارة ترمب» في ضوء تمسكها بالسلام «دوراً أكبر ومؤثراً مع مصر لدعم الاستقرار بالمنطقة، خاصة في القرن الأفريقي والبحر الأحمر وملف (السد الإثيوبي)، بجانب دور أميركي - مصري منتظر في ملف التهدئة بغزة المحفوف بالمخاطر».

ويرجح أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور حامد فارس، أن العلاقات المصرية - الأميركية في فترة ترمب ستكون مختلفة عن فترة جو بايدن، لافتاً إلى أنه «مع وجود الإدارة الجديدة من الممكن أن تنال العلاقات دفعة جديدة في ظل إدراكها قيمة الدور المحوري الذي تلعبه مصر في خفض التصعيد وسعيها للسلام بوصفه خياراً استراتيجياً رئيسياً».

ويتوقع تطابق المواقف المصرية - الأميركية في ملفات البحر الأحمر وخفض التصعيد بها خاصة أن «قناة السويس» تمثل رافداً رئيسياً لسلاسل الإمداد والتجارة بالعالم، بجانب تقارب فيما يخص أزمة «سد النهضة» لا سيما مع وجود جهود مصرية - أميركية سابقة بالولاية الأولى لترمب أسفرت عن اتفاق «تملصت» منه أديس أبابا.

ولعبت مصر دورا مهماً في التوصل لاتفاق غزة، سيعزز شراكة القاهرة وواشنطن، وفق الخبير في الشؤون الأميركية، مايكل مورغان، مرجحاً تسارع وتيرة الجهود والتفاهمات في ملفات المنطقة والأزمات الإقليمية، في ضوء تأييد سابق لمصر من قبل ترمب، سيستمر أيضاً في ولايته الثانية.

ومبكراً، كشفت القاهرة عن تواصل مع «إدارة ترمب» لإيجاد حلول مشتركة للأزمات، وقال الرئيس المصري، منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2024: «هناك تواصل مع الإدارة الجديدة، وهناك قدر من الثقة المتبادلة بيننا، ورأينا محل تقدير وقبول لديهم، وسنكمل على هذا لإيجاد حلول للقضايا العالقة مثل قضية غزة والسودان وسوريا».

بخلاف ذلك جرى اتصال هاتفي بين السيسي وترمب في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد فوز الأخير، في الانتخابات الأميركية، وتهنئة رئاسية مصرية في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، بمناسبة تنصيبه، وكلاهما تضمن تأكيد العمل المشترك على تعزيز العلاقات وحفظ الاستقرار والتنمية، وفق ما أفادت به «الرئاسة المصرية».

ويتوقع فارس أن تنظر «إدارة ترمب» للدولة المصرية بعدّها دولة مهمة ومؤثرة عربياً وإقليمياً، ومن ثمّ يمتد تعاون البلدين ليس في ملف غزة و«سد النهضة» والبحر الأحمر فقط؛ لكن أيضاً في أزمات السودان وسوريا وليبيا.

ويرجح مورغان أن تمضي العلاقات بين مصر وأميركا بعهد ترمب إلى تعزيز مسارات التعاون والتهدئة في المنطقة، مشيراً إلى أن موقف القاهرة ثابت تجاه إنهاء الصراعات والوصول للسلام، وترمب منذ ولايته الأولى يتطلع لأن يذكر بأنه «رجل السلام»، «ونراه متمسكاً بذلك مع الولاية الثانية مع مساعي وقف حرب غزة وأوكرانيا وغيرهما، ومن ثم فإن كون السلام هدفاً مشتركاً للبلدين سيعزز مسار تقوية العلاقات».